ناجح إبراهيم

لماذا لم يقبل العريس على الفرح الانتخابى؟

الخميس، 22 أكتوبر 2015 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثبتت الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية أن هناك حالة عزوف شديدة عن المشاركة فيها بدءًا من مرحلة الدعاية وحتى التصويت.. تلمس ذلك واضحا فى غياب الشباب غيابا شبه تام عن مشاهد الانتخابات بدءًا من الدعاية وانتهاءً بالرغبة فى الذهاب للصناديق، وخاصة الشباب المتطوع، فلا تجد فى أى سرادق انتخابى أحدا من الشباب رغم الإغراءات الكثيرة التى يقدمها النواب فى شوادرهم الانتخابية، فبعض المرشحين فى الإسكندرية صنع شوادر على ترعة المحمودية تدخل تأكل فيها وتشرب ما تريد مجانا، ورغم ذلك لا تجد فيها أى عنصر شبابى أو عنصر جامعى أو مثقفا إلا القليل، وقد تجد فيها بعض العاطلين والبلطجية فقط.

كما أن هناك حالة عزوف عامة لدى عوام الناس ومعظمهم يفضل عدم الذهاب للإدلاء بصوته تتداخل معها حالة موات كاملة للأحزاب السياسية المصرية، وترى الشارع السياسى فى حالة ركود وإحباط حتى فى أيام الانتخابات، وقد يفضل الموظف الراحة فى بيته أو زيارة أقاربه أو قضاء بعض مصالحه فى هذا اليوم على الذهاب للإدلاء بصوته.

أما أصحاب العمل الحر فيفضلون الذهاب إلى أعمالهم لحاجتهم الماسة إلى أى جنيه يفيد أولادهم فى هذه الحالة الاقتصادية المتردية، ولو قلت له: كيف لا تذهب للمشاركة فى الانتخابات؟ رد عليك: شاركنا كثيراً فماذا كانت النتيجة؟.. لا شىء يتحسن فى الاقتصاد والأسعار، وصوتى لن يقدم ولن يؤخر ليعيد عليك المنظومة التى كانت تتردد فى السابق.

ويعتقد كثير من المحللين أن دوافع الذهاب الآن ليست دوافع سياسية أو وطنية.. ولكن الدوافع الأساسية ستكون إما قبلية عشائرية وإما مادية وإما شخصية مباشرة وإما دوافع أيديولوجية وإما فكرية وإما ارتباطا نفعيا أو تنظيميا مباشرا بالقائمة أو الحزب.. أما ما دون ذلك فلا يدفعه شىء للمشاركة. ولكن ما أهم أسباب العزوف من وجهة نظر أكثر المحللين؟.. يعتقد أكثرهم أن أهم الأسباب تكمن فى الآتى:

أولا: أن أكثر الشعب المصرى صدم خلال السنوات الأربع الماضية من السياسة والساسة والبرلمانات والأحزاب والقوى السياسية والدينية والثورية والحكومية والشعبية والرسمية، خاصة وهو يرى أن الاقتصاد يتدهور، وأن البطالة تستشرى، وأن أولاده تخرجوا فى الجامعة منذ زمن وهم جالسون على المقاهى بلا عمل.. وأنه ينفق على بعض أولاده وأشقائه وقد جاوز عمرهم ربع القرن. ثانيا: أن سمعة البرلمان المصرى منذ عام 1952 لدى أكثر العوام أنه غير مؤثر وغير فعال فى الحياة السياسية.. وأنه دومًا يوافق على ما تريده الحكومة ولا يحل مشاكل المواطنين.

ثالثا: أن معظم العوام يذكر دائماً دون نسيان النماذج السلبية لبعض البرلمانيين مثل نواب القروض أو النواب الذين باعوا حصصهم فى الحج أوالذين أعطوا حصصهم العشرة من قبل فى التعيينات لأولادهم أو الذين باعوا حصص دوائرهم فى العلاج على نفقة الدولة لمن لا يستحق وتركوا الفقراء دون علاج، والنواب الذين تضخمت ثرواتهم أو استغلوا البرلمان للحصول على آلاف الأفدنة بثمن بخس دراهم معدودة.. ونائب الأذان أثناء الجلسات، والنائب الذى يضبط فى سيارة مع عشيقته، والنواب الذين ينامون فى الجلسات، أو الذين لا يشاركون فى أى نقاشات فى الجلسات ويمكثون عدة سنوات فى البرلمان ولا يقدمون حتى استجوابا واحدا أو طلب إحاطة أو أى شىء، ورغم قلة هذه النماذج فإن عددها الزائد فى آخر عهد مبارك جعل الناس لا تنساها.. كل هذا وغيره طمس على الشخصيات البرلمانية العظيمة أمثال ممتاز نصار، إبراهيم شكرى، خالد محيى الدين، محمود القاضى، حلمى مراد، الذين لم يتربحوا يوما من مناصبهم أو يستفيدوا من حصانتهم.

رابعا: هناك حالة يأس عام أصاب المجتمع بعد أن عاشوا أربع سنوات يحلمون بسقف عال جدا من الأمنيات فى الحريات العامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم ولم تتحقق أحلامهم، بل زادت البطالة وغلا الدولار وسقط الجنيه وزادت الأسعار.. وأصبح الوضع الاقتصادى صعبا جدا على كل أسرة.

خامسا: أن ثورة 25 يناير رفعت سقف الأحلام إلى السماء ثم أنزلتها إلى سابع أرض فأحبط معظم الشباب وأكثر الناس من كل شىء.. بحيث أصبحوا لا يرون أملاً فى البرلمانات المقبلة.

سادسا: أن معظم المرشحين تقريبا بلا رؤية ولا خطة ولا برنامج، ولو لذر الرماد فى العيون، ولا تجد أى حزب له برنامج على الإطلاق.. فلا تعرف ماذا سيقدم هذا الحزب للشعب إذا نجح فى الانتخابات، أو ماذا سيقدم للعمال أو الفلاحين أو الطلبة أو أرباب المعاشات أو غيرهم؟ ماذا سيفعل مع مشاكل مصر المستعصية؟!

أما سابعا: فهو أن معظم الناخبين لم يعرفوا شيئا يذكر عن أغلب المرشحين، وكان الجميع يسأل فى يوم التصويت عن المرشحين ومن هم وما عملهم وكيف سأنتخب فى النظام الجديد.. وبعد أسئلة طويلة وكثيرة يقول لك أنا سأريح نفسى ولن أنتخب أحدا.

وثامنا: يعد عدم الذهاب للتصويت رسالة شكوى إلى كل من يهمه الأمر من وضع الناخب الاقتصادى بالذات الذى أصبح يمثل هاجسا لكل المصريين، خاصة بعد سحق الطبقة الوسطى من المجتمع المصرى التى كانت رمانة الميزان فيه.

تاسعا: عودة المال السياسى بقوة إلى حلبة الانتخابات جعل الفئات المثقفة تصر على الإعراض عن المشاركة، لا سيما أن هذه العودة كانت ظاهرة جدا ليس فى الإسكندرية فقط، ولكنها أيضا وصلت إلى الجنوب، وقد بلغ الصوت فى الإسكندرية قبل عملية التصويت مائة جنيه فى بعض المناطق وفى آخر ساعات التصويت الحاسمة وصل إلى 500 جنيه.

عاشرا: اعتقاد الكثير من المثقفين والشباب أن هذا البرلمان انتقالى، وأنه قد لا يعيش أكثر من عامين، وأنه لن تكون فيه معارضة حقيقية، وأنه لم يذكر أحد من المرشحين على الإطلاق الوظيفة الثانية للنائب البرلمانى وهى «مراقبة الحكومة».. والكل أغفل الحديث عن هذه الوظيفة.. بل لم يتحدث أحد عن رؤيته للتشريعات التى يعتزم تقديمها لإصلاح المنظومة التشريعية المصرية.

والخلاصة، أن المرشحين حضروا جميعا للفرح واستعدوا له وتجهزوا للفرحة، ولكن العريس، وهو الناخب، لم تعجبه العروس ورفض الاقتران بها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة