فى ذكرى عاشوراء ندعو الله «اللهم نجنا من شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن»، فتنة السيف والمصحف التى أودت بحياة سيد شباب أهل الجنة، الإمام الحسين بن على، بسبب الصراع على الحكم، واختلاط الدين بالسياسة والسياسة بالدين، ولم تجف دماء الإمام الشهيد، ومازالت تنزف فى صحراء كربلاء حتى الآن، بعد أن خانه أتباعه وأنصاره، وتركوه وحيدا مع آل بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يواجه جيش يزيد بن معاوية، المكون من ثلاثين ألف مقاتل شرس، لم تعرف قلوبهم الشفقة والرحمة، ولم تراع ضعف ابن بنت رسول الله وقلة حيلته، فأمطروا جسده بالسهام، حتى لم يتركوا فيه شبرا، وفصلوا رأسه عن جسده بضربة سيف قوية، وداست فوقه خيولهم، حتى فرمته فى الرمال.
اللهم قنا شر الفتن، فمنذ ذلك التاريخ لم تهدأ سيوف المسلمين، عن حصد رؤوس المسلمين، فى مسلسل الصراع التاريخى الدامى بين السنة والشيعة، ونرى الآن ملامحه مع قسوته ووحشيته، فى جرائم داعش وهى تقطع الرقاب بتلذذ وسادية، ويرد عليها الشيعة، بشى الأحياء على نار هادئة وتقطيع أوصالهم بالسكاكين الحادة، وأراد الإخوان أن يجعلوا من مصر مسرحا لمثل هذا الصراع، ليفوزوا بخلافتهم الموعودة، فوق الاتقاض والجثث والدماء، ولكن شاء الله أن يرد كيدهم إلى نحورهم، وحافظ المصريون على النموذج الرائع للتسامح والسلام، فليس بيننا من يكتب فى هويته أنه سنى أو شيعى، شعب يؤمن بالله ورسله ويعشق آل بيت رسول الله.
اللهم قنا شر الفتن، فقد ذقنا مرارة كؤوس الكراهية والتشرذم فى عام حكم الإخوان، وقاسينا من «قتلاهم فى الجنة وقتلانا فى النار»، ومن تقسيم الناس إلى مؤمنين ورويبضة، وإعلان الجهاد على أبناء الوطن، وكأننا شعبان ولسنا شعبا واحدا، ويريد «المؤمنون» أن يستردوا البلاد من «الكفار»، نعم عشنا هذه الأيام السوداء، وتعلمنا الدرس واستوعبنا العبر، وكان خروج ملايين المصريين ضد الإخوان، بمثابة عودة الروح واسترداد الوطن، وتأكيد الهوية الوطنية الأصيلة التى حاولوا طمسها.