سامح جويدة

تاريخ الجلوس على «الحديدة»

الإثنين، 26 أكتوبر 2015 10:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتغير السياسات الاقتصادية فى مصر كل شهر ولا نذكر أن شيئا تغير فيها طوال العمر، نولد فى البلد وهو فقير ونموت فيه وهو على (الحديدة)، أجيال وراء أجيال تسلم (الحديدة) لبعضها البعض وكأنها مفتاح الحياة، فنحن أصحاب الريادة فى تاريخ الفرعون وتاريخ التحنيط وتاريخ (الحديدة)، فأى دولة مسارها الاقتصادى بين طالع ونازل على عكسنا فنحن نازل بس، لذلك يمكن دراسة تاريخ (الحديدة) فى مصر منذ عهد الفراعنة، حيث بدأ ظهور مشكلة البطالة بعد انتهاء مشروع مدافن أهرامات الجيزة، وتلازم انهيار سعر العملة مع ظهور العملة نفسها إبان دخول الهكسوس.

ورغم محاولاتنا الدؤوبة والمستمرة شهريا لتغيير السياسات النقدية والاقتصادية فإن المواطن المصرى ما زال يجلس متربعا على (الحديدة) التاريخية، فلا فراعنة فلحوا ولا خطط الإصلاح نفعوا ولا الثورات شفعوا ولا تغيير الحكومات والرؤساء طمروا، نفس المشاكل تتضخم وتتسع وتكبر فى الوقت الذى تتضاءل فيه قدرتنا وتقل إمكانياتنا وطموحاتنا فى حل المشاكل التى أصبحت جزءا عزيزا من حياتنا فلا يوجد وظيفة حكومية بلا «رشاوى» ولا توجد (رقصمالية) بلا صاجات ولا نعرف حتى الآن لماذا يخرم الدولار الجنيه منذ عقود حتى أصبح بقيمة الربع جنيه (المخروق).

الغريب أن استمرار المشكلة لهذه العقود الطويلة لم يجعلنا نغير الطرق التى اعتدناها للحل والتى نكتشف كل مرة أنها فاشلة وعقيمة ولا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا، وكأن جميع المسؤولين تلاميذ درسوا الحساب على يد مدرس غبى ويتبادلون حل مسألة حسابية، وكلما فشل أحدهم جاء الآخر وحاول أن يحلها بنفس الطريقة الغبية، لذلك إذا أرادت هذه الدولة أن تحل مشاكلها الاقتصادية بطريقة مؤثرة فلا بديل عن حرق المناهج القديمة والتوقف عن لعبة (من ذقنه وافتله) التى تخصصت فيها الدولة (للعك) فى الدعم والجمارك والضرائب والأسعار.

على الدولة وقياداتها الاستعانة بوجوه جديدة وطرق مختلفة لحل المتاهة الاقتصادية، سواء من خلال عقول مصرية متقدمة وأجنبية مخلصة والتعامل معهم بمصداقية وشفافية ومساعدتهم بنية خالصة فى وضع خطة استراتيجية وحلول منطقية لهذه المشاكل المتراكمة، وليكن ذلك من خلال لجنة أو هيئة أو أى كيان سيادى يفرض تنفيذ هذه الحلول والخطط على وزرائنا من محدودى العلم والخبرة والذكاء، لأن الاستمرار فى الاستعانة بنفس العقول ونفس المنهج ونفس الحلول يعنى أن نستمر جميعا فى الجلوس على نفس (الحديدة).








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة