ما حدث بالإسكندرية هو نفسه ما حدث العام الماضى، ومرشح للحدوث بالحرف العام المقبل، ما لم نفيق جميعا من سباتنا، وما لم تستيقظ ضمائرنا شعبا وحكومة، فى الشتاء الماضى كتبت العنوان (أعلاه الدولة غرقت فى الإسكتدربة)، والعام قبل الماضى كتبت عنوان (الحكومة غرقت فى شبر مية)، ومضطر أن أكتب نفس العنوان لأن شيئا لم يتغير، رغم ثورتين ورغم وجود السيسى الذى اخترناه، لذلك لا بد من المصارحة، ومن الآخر يا ريس الجهاز الإدارى للدولة مع المحليات لا بد من نسفهما نسفا، المحليات تحتاج ثورة من القاع، لأن هرم فسادها من أسفل القاع للقمة، أما الحكومة فقد هلت علينا بالبشائر وأول القصيدة كفر، لماذا؟ لأنه فى أول زيارة للدكتور شريف إسماعيل بعد أن أصبح رئيسا للحكومة، قال: إن الحكومة قررت تخصيص عدة ملايين من الجنيهات لحل مشكلة القمامة بالإسكندرية، وقال أيضا: إن مستوى الخدمة الصحية لا يرضيه، وأن كل مواطن له الحق فى العلاج على نفقة الدولة، كان ذلك بمناسبة افتتاح بعض المشاريع والطرق، وكنت هناك بالمصادفة، وكان لى بعض الملاحظات:
أولا: رغم وجود وزراء الإسكان والحكم المحلى والتموين والتضامن وآخرين تقريبا نصف الحكومة، لكن لا رئيس الحكومة ولا أحد من وزرائه تحدث عن البنية التحتية وكوارثها المستقبلية فى الإسكندرية. ثانيا : لوحظ أنه لأول مرة يكون طريق الكورنيش نظيفا، بينما وكالعادة كانت الطرق الداخلية قمة فى القذارة، وقد ساقتنى قدماى إلى منطقة العجمى، فوجدت جبال القمامة تسد الشوارع، وتنتشر بعرض الطريق فى الهانوفيل والبيطاش، ثالثا: هناك كارثة كبرى اسمها العمارات الآيلة للسقوط حوالى 40% من عمارات الكورنيش، ولا أحد يجرؤ على فتح هذا الملف، رابعا: الميكروباصات وعربات التمن بالإسكندرية وأصحابها أباطرة، ويتردد أن العديد من أمناء الشرطة بل والضباط يمتلكون هذه السيارات، لذلك فهى تفعل أى شىء فى الشارع، تقف فى أى مكان وتسير بلا رخص ويقودها صبية صغار، خامسا: إن رئيس الحكومة كان يفتتح عددا من المشروعات بالإسكندرية ومنها بعض الطرق، لكن أحدا لم يسأل المحافظ كيف يتم افتتاح مشروعات لم تكتمل أصلا؟ وكيف أن كل المحاور والطرق المحيطة بالإسكندرية وصولا للطريق الدولى الموصل لشمال الدلتا وبورسعيد كلها لا يوجد بها يافطة واحدة توحد المولى وترشد العابر والغريب؟
من مظاهر التدهور الأخرى أن الثغر الذى علم الدنيا الحضارة والعلم والفن والتنوير، اليوم يصبح أسيرا فى يد السلفيين ليفرضوا عليه كل هذا القبح، كما فعلوا أيام الإخوان، وطالب زعيمهم محمد الشحات بهدم الآثار، بل وغطوا تمثال عروس البحر بأكياس البلاستيك، أقول هذا بمناسبة ما تردد عن أن بعض السلفيين بالاتفاق مع ورثة أرض أتيليه الإسكندرية اقتحموا الأتيليه فجرا فى مشهد أقرب لمشهد فيلا أبو الغار بمسلسل الراية البيضا للراحل العظيم أسامة عكاشة، ما عرفته أنه لولا اتصال أحد الفنانين بوزير الثقافة الذى أقام الدنيا، لكان السلفيون مع بعض الورثة منهم هدموا الأتيليه فى ليل بهيم، كما يحدث حاليا فى الفلل والمبانى الأثرية والمحافظ كان يغط فى نومه.
القصد، إننا أمام تجربة حية لفشل حكومى بامتياز فى اختبار بسيط جدا، وهو هجوم نوة شتوية معروفة سلفا لعلماء الأرصاد ولأصغر صياد على البحر، ومع ذلك غرقت الدولة فى التعامل معها على عكس دول أخرى من العالم الثالث مثل، إندونيسيا أو المكسيك، والأخيرة مرت منذ يومين بأسوأ عواصف وأعاصير فى تاريخها، ومع ذلك لم يمت مواطن واحد هناك، وتعاملت معها الحكومة بتدابير مسبقة، أتمنى من رئيس الحكومة أن يخاطب سفيرنا هناك ليرسل له الكتالوج الذى تعاملت به الحكومة المكسيكية علنا نتعلم ونقلد الدول التى تحترم مواطنيها وتحميهم من غدر الطبيعة وغدر الأيام، وأيضاً قلة ضمير المسؤول الذى يرى أنه ليس فى الإمكان أحسن مما كان، وآه يا بلد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة