فى كل بلاد الدنيا تمثل الأمطار مصدرا مهما للمياه ومخزونا سنويا للزراعة والشرب، وباقى الأنشطة، إلا عندنا، ولو قطرات من الماء سقطت تتحول الشوارع إلى «معجنة» يتوقف المرور وتنسد الشوارع، أما إذا تضاعفت الأمطار أكثر تنسد البالوعات وتنتشر البحيرات.
وفى الإسكندرية رأينا، مثلا، كيف تكدست مياه الأمطار وغرق من غرق ومات من مات. بالرغم من توقعات الأرصاد ناهيك عن أن الإسكندرية بلد «النوات» المنتظمة، والحديث كله عن أخطاء وإهمال، وكيف تم تغيير مسارات صرف مياه الأمطار إلى البحر.
وفى سيناء والصعيد تتحول السيول إلى لعنة تجرف البيوت أو على أفضل تقدير يتم تصريفها فى البحر أو فى غيره. لاحظ أننا منذ سنوات نتحدث عن حروب المياه القادمة، وما زلنا فى جدل حول سد إثيوبيا ونصيبنا من المياه الذى يتناقص مع الزيادة السكانية أو عند نقص الفيضان، أو مشروعات إثيوبيا على النهر.
كل هذا ونحن نبحث فقط عن طريقة للتخلص من مياه السيول، أو الأمطار، بينما يفكر العالم كله فى طرق لحفظ المياه والاستفادة بها طوال العام، بل إن الصحراء الغربية تعرف ما يسمى «الآبار الرومانية» التى تخزن فيها مياه الأمطار لتستخدم طوال العام. أى أن الأمطار تتحول من نقمة إلى نعمة، بل ربما كانت التقلبات الجوية التى تعيد إلينا الأمطار بحاجة إلى تفكير علمى فى كيفية توجيهها وتخزينها واستغلالها لتكون نصيبا مضافا من المياه.
العلم يحل هذه القضايا، وهناك دول تحرك أمطارا صناعية، وتتحكم فى حركة السحاب وأماكن سقوط الأمطار بل إن الإنسان القديم كان فى المناطق التى تخلو من الأنهار يبتكر من الطرق ما يمكنه من تخزين هذه المياه للزراعة والرعى.
ومع التفكير فى إصلاح وإعادة إصلاح البنية الأساسية يفترض التفكير فى مسارات لمياه الأمطار والسيول التى يمكن أن تمثل نصيبا إضافيا من المياه، خاصة فى سيناء والمناطق الصحراوية، ومعروف أن سيناء بها مشروعات، لكنها بدائية تهدر المياه ولا توجد طرق لاستغلالها.
كل هذا يمكن حله بالعلم وليس بالفهلوة، ولا مانع من إسناد التفكير والتنفيذ لعلماء وخبراء، ليخططوا لأفضل طرق استغلال المياه، ثم إن مثل هذه المشروعات لن تتكلف أكثر مما تتكلفه مشروعات تنموية أخرى بل يمكن توجيهها إلى المناطق المستصلحة وتوفر مياه النيل والآبار.
ساعتها يمكن أن تصبح الأمطار نعمة كما هى فى كل بلاد الدنيا، وليس نقمة كما يحدث عندنا.