كل يوم عرض جديد ومثير على مسرح الشرق الأوسط، والبطل هذه المرة هو الرئيس بوتين، والأحداث تقول: إن بشار الأسد هو المستفيد الأكبر من التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، ويؤكد ذلك أن الغارات الروسية لم تستثن أحدا من أعدائه، ودكت مواقع داعش والنصرة وجبهة أحرار الشام، وأضعفت معارضيه فى حمص وحماه واللازقية، والقادم أسوأ للمعارضة السورية، بعد الإنزال البرى الروسى المكثف فى شمال سوريا، فى رسالة واضحة للجميع بأن بوتين فرض نفسه كلاعب لا يمكن تجاوزه فى الأزمة السورية، وأن تدخله سيكون حاسما، وليس برعونة قوات التحالف الدولى، التى قامت بأكثر من ستة آلاف غارة جوية على مواقع داعش، لم تغير شيئا على أرض الواقع، ولم تمنع توغلها فى مزيد من الأراضى السورية والعراقية.
خسر المصرون عربيا وإقليميا رحيل الأسد، وأصبح لزاما عليهم أن يراجعوا حساباتهم، بعد أن تسربت رائحة صفقة أمريكية روسية–لم تُكشف أسرارها بعد- ولم تعترض واشنطون على الغارات، وإنما طلبت التنسيق العسكرى المشترك، وأن تستهدف العمليات تنظيم داعش، وليس المدنيين، ويزداد الموقف غموضا بشأن عمل غرفة العمليات العسكرية المشتركة، التى تضم روسيا وإيران وسوريا والعراق، فى الوقت الذى تزداد فيه مخاوف دول الخليج، من تصاعد النفوذ الإيرانى وتهديدات مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى للسعودية بعد حادث منى، بأن «إيران تمتلك المزيد من القدرات، وإذا قررت التحرك، فإن موقف السعودية لن يكون جيدا».
كل السيناريوهات محتملة، بما فى ذلك أن تتخلى أمريكا عن شرط رحيل الأسد، فمن يتصالح مع الشيطان الأكبر إيران، ليس مستبعدا أن يتعاون مع النظام السورى وبشار، فأمريكا غارقة منذ خمس سنوات فى المستنقع السورى، وجربت كل شىء دون جدوى، من تدريب المعارضة المعتدلة، حتى تسليح الجماعات الإرهابية المتشددة، وتحالفت مع المجاهدين وأنفقت أمولا طائلة على معسكرات التدريب، فماذا يضير أمريكا إذا تورط الدب الروسى فى حرب يدفع تكاليفها من جيبه الخاص، مما يسهل إضعافه إلى أكبر حد ممكن، وقد تتخلص الدول الأوروبية من كابوس المهاجرين الذين يقتحمون حدودها، بعد تزايد مخاطر تسلل آلاف الإرهابيين وسط حشود المهاجرين.. والخلاصة أن بوتين ظل يحوم حول المنطقة كالفراشة، ثم انقض كالدب.