لا أدرى كيف يستقيم أمر بلد يخوض أعنف المواجهات السياسية والاقتصادية التى تهدد وجوده على المستوى الإقليمى والدولى، مع انشغال نخبية والسياته الثقافسية بمعارك تافهة لا تقدم بل تؤخر أى جهد مبذول على طريق التحول من الدولة الفاشلة إلى الدولة الناهضة المتقدمة!
لاحظوا معى كيف خاضت وتخوض الدولة المصرية على المستوى الإقليمى والدولى معارك من قبيل الحصار الاقتصادى المفروض عليها وحظر تصدير السلاح وقطع الغيار بعد ثورة 30 يونيو ووقف برامج المساعدات والمنح التنموية، وسعى عدد من الدول الغربية لعزل مصر وتركيعها حتى تقبل بالانحناء والتفاوض مع الإرهابيين الذين يهددون وجودها وينفذون المشروع الاستعمارى الجديد لتقسيم المنطقة، فضلا عن النقص الحاد فى الموارد وعزوف كبريات الشركات العالمية عن القدوم إلينا والاستثمار فى مشروعات مصرية كجزء من سياسة الاحتواء التى تمارس ضدنا.
وفى المقابل تنشغل النخبة السياسية والثقافية بمعارك تافهة مكررة ومعادة ولا تنتج إلا تشاحنا وانقساما، من قبيل معركة الثقافة والسلفيين حول مفهوم العلمانية، أو اتهام وزارة الثقافة دائما بمخالفة الشريعة والسعى لعلمنة الدولة، ومعركة منع عضوات هيئة التدريس المنتقبات من التدريس بالنقاب فى جامعة القاهرة، والذى فتح باب جدل لم ينته، والمعركة الطائفية التى يحاول كوادر حزب النور إشعالها لجر الانتخابات البرلمانية إلى مربع المسلم والمسيحى، الملتحى والأمرد والمنتقبة والسافرة، فى مشهد يؤكد أن الجيل الحالى ممن يسمون بالنخبة المصرية لا يمتون بصلة أصلا إلى النخبة، بل يعكسون عصر الانحطاط الثقافى والسياسى ومناخ الفساد الشامل والعشوائية التى عانينا منها طوال الأربعة عقود الماضية.
كيف إذن يستقيم أمر بلدنا الذى نرجو له التقدم والنجاح مع هذه المفارقة المأساوية التى يعانى منها؟ البلد بدون نخبة حقيقية على جميع المستويات يعنى بلدا بدون عقول، بلد بدون كفاءات، بلد بدون خبرات، بلد يرتجل يوما بيوم لمواجهة التحديات وخطط الآخرين المدروسة والمعدة سلفا لمواجهته، ولذلك ننكشف عندما نتعرض لمواجهات مباشرة مع دول تتقاطع مصالحها مع مصالحنا، نتخبط ونخطئ أخطاء فادحة.
أشعر أننا جميعا بحاجة إلى أن نتعلم من جديد وأن نتوقف عن الاستعراض الفارغ، وأن ننشغل فقط بالعمل الذى فيه مصلحة الناس، وتحقيق الأهداف الأكثر إلحاحا لبلدنا، ولنجتمع حول أولويات العمل والإنتاج بدل الجدل الفارغ والمعارك التافهة، فهناك معارك أشرف وأجدى يمكن أن يسهم فيها كل منا بحسب تخصصه وطاقته وجهده وأولها معركة التنمية الشاملة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة