الحرب فى سوريا لم تتوقف خلال السنوات الأربعة الماضية، آلاف المقاتلين الأجانب من كل الجنسيات والتنظيمات المسلحة، بل إن الإرهابيين انتقلوا من أفغانستان وغيرها إلى العراق بعد سقوط نظام صدام فى 2003، والتحق بهم تنويعات من المسلحين، ممن يشتركون فى عقيدة القتل ويكفرون غيرهم، وتعتبر نفسها المتحدث الوحيد باسم الخلافة. وكانت داعش أعلى مراحل التكفير والقتل والحرق.
لم يكن لكل هذا علاقة بسوريا والثورة السورية، فالتغيير لم يكن يشمل تدمير الآثار، أو خطف وقتل المواطنين وحصار الإيزيديين والأكراد، وحرق وسبى وبيع الإيزيديات فى مزادات الإرهاب. وهى حرب كانت الولايات المتحدة تتفرج عليها، ولما قررت التدخل كانت غزواتها خارج السياق. واختفى حلفاء أمريكا من جيش حر أو جيش غير حر. وظلت المواجهة مع الجيش السورى أربعة سنوات، وكل ما جرى تدمير سوريا واحتلال أراضيها من تنظيمات تزعم إقامة الخلافة على جماجم السوريين والعراقيين.
الحرب كانت قائمة، والتدخل الأمريكى قائم ومستمر، وبدا داعش وأخواته فقط فى الصورة، بينما اختفت التنظيمات الأخرى والتحالفات السياسية التى اكتفت بالمؤتمرات من أوروبا وتركيا.
الحرب إذن قائمة، ولما دخلت روسيا وأعلن بوتين التدخل إلى جانب الجيش السورى فى مواجهة فوضى مستمرة من سنوات، اختلفت ردود الفعل، فأمريكا التى تحارب نفس العدو الداعشى تعترض على تدخل روسيا.
موسكو تعلن بسرعة وبعد أيام من الضربات انتصاراتها على داعش، بينما ما تزال الأراضى السورية تحت سيطرة المقاتلين من كل الفئات، واختبار الانتصارات يأتى باستعادة الأرض وليس فقط بالبيانات. أوروبا عادت لتتحدث عن حل سياسى، مع اعتراضات على تدخل روسيا.
موسكو العائدة من عزلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة، حركت بتدخلها المياه الراكدة والإرهاب النائم، والنيات الأمريكية والأوروبية. إقليميا مصر مع المملكة العربية السعودية، وعلى خلاف مع إيران التى تدعم الحوثيين فى اليمن، لكن فيما يخص سوريا مصر كانت مع الحفاظ على الدولة السورية، وضد تفكيكها وتركها للتنظيمات الإرهابية، وترى أن الإرهاب لا علاقة له بالشعب السورى وثورته، فالإرهاب بدا هو الرابح من ثورة سوريا، وأيضا ليبيا التى أصبحت تحت رحمة التنظيمات الإرهابية، واعترفت أمريكا وأوروبا أنهم سهلوا الفوضى فى ليبيا عندما دعموا مسلحين أسقطوا القذافى من دون أفق سياسى يسمح بسلطة قادرة على النجاة من الفوضى.
وبالتالى فإن التدخل الروسى لم يخترع حربا، هى بالفعل مستمرة منذ سنوات، لكنه حرك التفاصيل ويعيد تشكيل تحالفات ومناورات، فيها أمريكا وأوروبا وتركيا وإيران، ومصر طرف فاعل تؤثر وتتأثر بكل ما يجرى.
الحرب مستمرة من سنوات، بينما حروب أخرى سوف تعيد تشكيل تحالفات جديدة، وحروب باردة وساخنة ومناورات.