حلال على أمريكا والغرب أن يعربدوا فى سوريا، وحرام على روسيا أن يكون لها نصيب فى الوليمة.. حلال على أمريكا وحلفائها أن يجمعوا كل الوحوش المسعورة، ويحشدوا الخونة والعملاء لإسقاط النظام السورى، وحرام على روسيا إذا تدخلت لإنقاذ حليفها السورى، والسعى لموطئ قدم فى المستنقع الصاخب.. حلال على أمريكا أن تسلح كل أعداء النظام السورى، بأكذوبة أنهم المعارضة المعتدلة، وأن تغض الطرف عن جرائم داعش البربرية، وأن تحشد حلفاءها لإسقاط بشار الأسد، وترك سوريا نهبا للجماعات الإرهابية المسلحة، وحرام على روسيا إذا أرادت أن يكون لها نصيب فى كعكة الدم، والدب الروسى لا يعرف «الهزار» ولا «زغزغة» غارات دول التحالف، وإذا تجرأت داعش وقطعت رأس جندى روسى، فسوف يكون الثمن هو رأس أبو بكر البغدادى شخصيا.
لا أخفى سعادتى بالتدخل الروسى، ليس إنقاذا لبشار الأسد وإنما للحفاظ على سوريا من التقسيم والضياع، فوطن موحد يحكمه ديكتاتور، خير من ديمقراطية بلا وطن، ثم عن أى ديمقراطية يتحدثون، وقد استخدموا هذا الشعار الكاذب فى هدم الدول وتشريد الشعوب، ومن الذى أعطى للسعودية -مثلا- الحق فى الإصرار على الإطاحة ببشار الأسد، فحشدوا حوله العصابات المسلحة، وأمدوها بالمال والسلاح، واعتبروا أنفسهم أوصياء على الشعب السورى، وقرروا أن يقرروا مصيره نيابة عنه، ومن الذى فوض حاكم قطر ليظن نفسه أنه مبعوث العناية الإلهية لحقوق الإنسان، فيلقى خطبا أكبر من فهمه واستيعابه، ولكن هكذا كتبوها له.
العرب يكتبون شهادة وفاتهم بأيديهم، وصاروا أنفسهم هم الخطر الأكبر الذى يهدد الأمن القومى العربى، وفقدوا الوعى بشأن المخاطر الحقيقية، وفى صدارتها إيران التى تتربص كالذئب المتحفز بدول الخليج، وإسرائيل السعيدة بأن أعداءها يقتلون أنفسهم، وأراحوها من عواقب أن تحاربهم وتقتلهم، أما أمتنا المترامية من المحيط الثائر إلى الخليج الهادر، فمستغرقة فى إدارة المؤامرات ضد بعضها البعض، وعندما لاحت فى الأفق بوادر الأمل، فى رأب الصدع والوفاق والاتفاق على تشكيل قوة ردع عربية، قتلوا الحلم فى المهد، فلم ولن يرى النور.. وبعد كل ذلك نجد من يجاهر بالقول بأن التدخل الروسى عدوان على سوريا.. «اللى اختشوا ماتوا».