اليوم تحتفل مصر والعرب بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر المجيدة عام 73، وهو اليوم الذى كنا نتمنى فيه عيدا واحتفالا رسميا فى كل العواصم العربية، لأنه يوم فخر وعزة وكرامة لكل العرب وليس لمصر وحدها التى خاضت المعركة بدعم غير محدود من الأشقاء العرب فى لحظة تاريخية نادرة لم تتكرر كثيرا فى التاريخ العربى.
من حق الأجيال الحالية أن تفخر بما حققه الآباء والأجداد فى معارك الشرف والمجد واسترداد الكرامة من بعد هزيمة يونيو 67، لتثق أن ما تحقق معجزة بكل المقاييس صنعها الشعب المصرى وجيشه البطل، بعد أن ظن العدو الصهيونى أن مصر ماتت ولن تقوم لها قائمة بعد هزيمة يونيو، وملأ الدنيا أوهاما وأكاذيب حول أسطورة جيشه الذى لا يقهر أبدا من أى دولة عربية، وأن العرب أمامهم مائة عام على الأقل للتفكير فى هزيمة إسرائيل، ولكن كانت المفاجأة أن العدو يستيقظ على بطولات المصريين بعد الهزيمة مباشرة، وبداية حرب الاستنزاف التى أبكت جولدا مائير، رئيسة وزراء العدو، بعد سقوط طائرات الفانتوم الشهيرة بصواريخ المصريين.
وفى معارك وبطولات أكتوبر لقن المصريون، شعبًا وجيشًا، العدو درسا لم ولن ينساه، وهزموه شر هزيمة نكراء وانتهت المعارك وإسرائيل قد خسرات 10 آلاف قتيل و20 ألف جريح و1000 دبابة وأكثر من 570 مركبة وطائرة، وانهارت دولة الكيان لولا الدعم الأمريكى اللامحدود بعد صرخات جولدا مائير لوزير الخارجية الأمريكى الداهية كيسنجر بأن: «أنقذونا...إسرائيل تضيع».
وعندما تقرأ اعترافات قادة وجنرالات إسرائيل عن حرب أكتوبر، عليك أن تدرك أننا صنعنا المعجزة العسكرية التى مازالت تدرس فى المعاهد والكليات العسكرية المتخصصة، عليك أن تفخر بالبطولات والملاحم البطولية التى سطرها جنود وضباط مصر الشجعان الأوفياء فى هذه الحرب، فى كل معركة خاضوها، فالرئيس الإسرائيلى الأسبق حاييم هيرتزوج، قال إن المصريين تعلموا كيف يقاتلون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم فقط. ويعترف ناحوم جولدمان، فى كتاب له بعد الحرب، بأن أكتوبر 73 وضعت حدا لأسطورة إسرائيل فى مواجهة العرب وكلفت إسرائيل ثمنا باهظا حوالى 5 مليارات دولار، وأنهت ثقة الإسرائيليين فى تفوقهم الدائم.. تحية لكل أبطال حرب أكتوبر من الأحياء والشهداء، فقد قدموا ملحمة بطولية غير مسبوقة فى التاريخ العسكرى الحديث، وواجبنا نحوهم أن نحيى بطولاتهم وتضحياتهم، لكى نتعلم منها معانى التضحية والبذل والعطاء من دون مقابل من أجل هذا الوطن.