المواقف المعلنة فى السياسة الدولية تعكس مصالح أصحابها، ولا تدور بالحب والكراهية، وفى الحرب الدائرة فى سوريا، فإن روسيا طورت الهجوم مع أن موسكو مع النظام السورى من البداية.
روسيا ليست وحدها، لكن أمريكا طرف رئيسى ومعها دول أوروبا بدرجات مختلفة، وتقف فى المعسكر الأمريكى السعودية وقطر وتركيا، وإن كانت تركيا تلعب بأكثر من ورقة لدقة موقعها وعلاقاتها ومصالحها المتشابكة.
فى المعسكر الروسى تقف إيران مع سوريا وحزب الله، أما العراق فهو يعانى من إرهاب داعش، وبالتالى فإنه، وإن كان يبدو محايدا فى المعركة الحالية، يستفيد من أى نجاح فى هزيمة داعش.
وإذا انطلق كل طرف من مصالحه، يمكن تفهم تأييده أو معارضته لروسيا أو أمريكا، لكن البعض يخفى مصالحه، ويقع فى تناقض وازدواجية، مثل كاتب كبير يقف ضد التدخل الروسى فى سوريا، ولا يتعرض بنفس الرفض لموقف إيران من الأزمة، بالرغم من أن إيران تقف فى نفس المعسكر الروسى، فهو ضد روسيا، لكنه ليس ضد وجود إيران.
كاتب وباحث آخر يقف فى الجانب الأمريكى، ويرى التدخل الروسى ضد الديمقراطية ومع «السلطوية» ودعم بشار الأسد، وهو يعرف أن أمريكا نفسها لم تكن أبدا مع الديمقراطية، بل إنها دعمت المتسلطين دائما، وعندما تدخلت بالغزو دمرت العراق، واعترف أوباما بالخطأ فى تدمير نظام القذافى من دون مسار سياسى.
ناشط آخر يرى أن بقاء الأسد هو ضد الأمن القومى المصرى والعربى، ويستنتج هذا من موقف دول الخليج التى دعمت بعضها بناء التنظيمات الإرهابية، و«يرى أن الموقف الأمريكى والأوروبى وحلفاءهم فى الخليج، ضرورة رحيل بشار لإنقاذ سوريا من المخالب الإيرانية». لاحظ أن الناشط يبدو ضد إيران على عكس كاتب ضد روسيا ومع إيران، بل إن مصر مع السعودية فى اليمن، وربما تختلف مع نفس الحلفاء فى سوريا، وهو أمر لا يلفت نظر الناشط، وهو يتصور أن الأمر أكثر تعقيدا من «أمريكا أو روسيا تريد هذا»، فالمصالح والمناورات أوسع من مجرد هتاف.
الناشط يردد كلاما عن حرب صليبية اتضح عدم صحته، ويتعامل مع مفهوم الأمن القومى بسذاجة، وتبسيط، يمنعه من رؤية أعضاء الحلف الأمريكى يتحدثون عن حل سياسى لسوريا.
نفس الازدواجية تراها لدى بعض من مؤيدى التدخل الروسى، ممن يرون أن روسيا سوف تحسم الخلاف، من دون أن يروا التدخل الروسى، ضمن تحريك سياسى، والإمساك بأوراق للتفاوض المتوقع. ثم إن أى اختلال فى حسابات طرف، يمكن أن يقود لحرب واسعة لا تريدها الأطراف الكبرى، التى تتعامل بمصلحية تختلف عن مجرد تأييد أو معارضة، فهى حرب «مصلحية»، عالمية وإقليمية، لا تخسر فيها الدول الكبرى عادة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة