من هى ؟
ولدت أليكسيفيتش فى 31 مايو 1948 فى بلدة بمدينة ايفانو فرانكوفسك فى غرب أوكرانيا لعائلة رجل عسكرى، حيث كان الأب بيلاروسى والأم أوكرانية، وبعد تسريح والدها من الجيش، عادت العائلة إلى البلدة الأم لوالدها بيلاروسيا واستقروا فى قرية صغيرة حيث عمل كلا الوالدين فى مهنة التدريس.
وبعد الانتهاء من الدراسة، ذهبت للعمل كمراسلة فى صحيفة محلية بمدينة نارفول، ثم تابعت أليكسيفيتش فى مهنة الصحافة وقامت بكتابة القصص القصيرة والتقارير الصحفية وبرعت فى إجراء الحوارات الإنسانية مع شهود عيان على الأحداث الأكثر إثارة فى تاريخ بلدها مثل الحرب العالمية الثانية، والحرب السوفيتية الأفغانية، وسقوط الاتحاد السوفياتى، وكارثة تشيرنوبيل، وبعد اضطهادها من قبل النظام البيلاروسى تحت قيادة ألكسندر لوكاشينكو الديكتاتورى، غادرت بيلاروسيا فى عام 2000، وتنقلت ما بين باريس، وجوتنبرج وبرلين، حتى تمكنت فى عام 2011 من العودة إلى بيلاروسيا حيث استقرت فى مدينة مينسك.
ماذا قالت الأكاديمية السويدية عنها؟
منحت سفيتلانا ألكسيفيتش جائزة نوبل للأدب عن "كتاباتها متعددة الأصوات التى كانت شاهد عيان على المعاناة والشجاعة فى عصرنا" هكذا جاءت كلمات سارة دانيوس رئيس الأكاديمية السويدية إشادة بها.
وقالت سارة دانيوس "فى الثلاثين أو الأربعين الماضية كانت ألكسيفيتش مشغولة برسم المواطن السوفيتى والحديث عن تحولاته بعد انهيار الاتحاد السوفيتى ، ولكن ما قدمته لنا ليس تاريخاً للأحداث فحسب، بل تاريخاً للعواطف، حيث تقدم لنا فى الواقع العالم العاطفى، فى أشد الحروب والكوارث، على سبيل المثال كارثة تشيرنوبيل، والحرب السوفيتية فى أفغانستان، وكذلك تحاول اكتشاف دواخل الأفراد السوفييت بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، فقد أجرت الآلاف والآلاف من المقابلات مع الأطفال، والنساء والرجال، وبهذه الطريقة فهى تقدم لنا تاريخ البشر الذين لم نكن نعرف عنهم الكثير، وفى الوقت نفسه تقدم لنا تاريخ من العواطف، تاريخ من الروح".
ما هو أسلوبها الكتابى وتأثراتها الأدبية؟
كتبت أليكسيفيتش على مدونتها إنها وجدت طريقها فى الكتابة بعد تأثرها الشديد بالكاتب البيلاروسى أليس أداموفيتش، الذى كان أول من طوّر أسلوباً أدبياً جديداً، حيث أطلق عللى أسلوبه الكثير من التسميات، من ضمنها "الرواية الجماعية"، و"رواية الأدلة"، و"الناس يتحدثون عن أنفسهم".
وفى مقابلة صحفية أجريت معها، قالت أليكسيفيتش "دائما ما كنت أبحث عن وسيلة أدبية تسمح لى أن أكون أقرب للحياة الحقيقية، حيث يجذبنى الواقع دائمًا مثل المغناطيس، فأردت أن التقطه على الورق، لذا فإننى على الفور تخصصت فى رصد هذا النوع من أصوات واعترافات الإنسان الحقيقية وأدلة الشهود والوثائق، هذه هى الطريقة التى أسمع وأرى بها العالم، مثل نشيد من الأصوات الفردية والمجمعة من التفاصيل اليومية، هكذا تعمل عينى وأذنى، وبهذه الطريقة تصل جميع قدراتى العقلية والعاطفية إلى أقصى حد، وبهذه الطريقة أستطيع أن أكون عدة أشخاص فى وقت واحد كاتب وصحفي، وعالم اجتماع، وعالم نفس وواعظ ".
ما هى الكتب التى قامت بتأليفها؟
تقول أليكسفيش، يتحدثون فى كتبى حول الأحداث الرئيسية، كالحرب وتشرنوبيل، وسقوط إمبراطورية عظيمة، هؤلاء الأشخاص يسجلون تاريخ البلاد، لكننى لا أسجل بشكل جاف الأحداث والوقائع، بل أكتب تاريخاً من المشاعر الإنسانية. ما ظن الناس، وما فهموا وتذكروا، أوهامهم وآمالهم ومخاوفهم، أفر من التفاصيل الحقيقية، وأسجل العواطف. استغرق الأمر منى ثلاث إلى أربع سنوات لكتابة كل كتاب، حيث كل منهم أحتاج لإتمامه إلى مقابلة مع 500 إلى 700 شخص، وهى تبدأ مع ذكريات الأشخاص الذين شهدوا ثورة 1917، من خلال الحروب ومعسكرات الاعتقال الستالينية، وتصل إلى وقتنا الحاضر.
"المرأة ليست وجها للحرب" عام 1985
قالت أليكسيفيتش، فى كتابى الأول "المرأة ليست وجها للحرب" شهدت أكثر من مليون امرأة سوفيتية تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاما يقفون فى الخطوط الأمامية للحرب العالمية الثانية، حينها عرفت أن المرأة السوفييتية فى هذه الحرب كانت تتقن مختلف المهن العسكرية، حيث عملت النساء فى فريق الطيارين، وسائقى الدبابات، واستخدمت آلة المدفعية وكانت قناصة أيضاً، لم تكتف فقط بمهنة الطب أو التمريض كما فى الحروب السابقة، ولكن بعد انتصار الرجل نسى دور هؤلاء النساء، سرق الرجال النصر منهن، لذلك تحدثت المجندات من النساء فى كتابى عن مشاركتهن الحرب وأدوراهن، وعن جوانب كثيرة من الحرب لم يذكرها الرجل أبداً، فقد وصف الرجال مآثرهم فى حين تحدثت النساء عن شيء آخر، على سبيل المثال، كيف كان السير مخيفاً بطول حقل مغطى بالجثث المتناثرة، وكيف كانت الأمهات يأسفن لرؤية صغارهن مثل هذه المشاهد.
"أولاد زنكى" عام 1992
تقول أليكسيفيتش كتابى الثانى بعنوان "أولاد زنكى" هو عن شهود عيان على الحرب لكننى اخترت أعمار من 7 إلى 12 سنة فقط، أى وصف الحرب من خلال عيون الأطفال الأبرياء وتذكرت حينها ما قاله الأديب الروسى الكبير دوستويفسكى أن الصالح العام لا يستحق شيئاً إذا كان ما يحققه تم عبر إراقة دمع طفل واحد!.
"أصوات من تشرنوبيل" عام 2006
تتحدث أليكسيفيتشح، فى كتابها الثالث بعنوان "أصوات من تشرنوبيل" عن الحرب السوفيتية الأفغانية التى استمرت عشر سنوات، ويضم قصص لأكثر من مائة ضابط وجندى شاركوا فى هذه الحرب الغير المفهومة على حد تعبير ستيلفانا أليكسفيش، وتحدثت كذلك مع الأرامل وأمهات ضحايا الحرب، حيث تقول: علينا أن نتعلم كيف أن الشرق والغرب، اشتبكا فى مبارزة قاسية وميؤوس منها، كيف كان يفكر الناس حينها، وكيف قتل بعضهم البعض، وكيف سعوا من أجل البقاء، كل هذا حاولت رصده فى كتابى، بالرجوع إلى التاريخ بدلاً من المضى قدماً، واختتمت كتابى بما قاله أحد الأشخاص لى "لا نريد القتال مرة أخرى، هل يمكننا محاربة الأفكار وقتلها بدلاً من أصحابها؟!، فالقتل يجعل العالم مخيفاً، ويترك الناس للعزلة".
ويتناول كتاب "أصوات من تشرنوبيل" أكبر كارثة نووية شهدها العالم، فى يوم السبت 26 أبريل من عام 1986 حيث كان ما يقرب من 200 موظف يعملون فى مفاعل الطاقة النووى بأوكرانيا، وقد لقى 36 شخصا مصرعهم وأصيب أكثر من 2000 شخص، ووصفته الكاتبة بأن هذه الكارثة، أسوأ بكثير من معسكرات الاعتقال، فمن الصعب أن ندافع عن أنفسنا ضد المجهول، عما هو غير مألوف حتى الآن إلى الجنس البشري.
جدير بالذكر أنه تم ترشيح فيلم قصير مستوحى عن كتابها "أصوات من تشرنوبيل" من إنتاج الأيرلندية خوانيتا ويلسون لنيل لجائزة الأوسكار، فى عام 2010.
موضوعات متعلقة..
- وز البيلاروسية سفيتلانا ألكسيفيتش بـ"نوبل للآداب" لعام 2015.. و"محكمو الجائزة": تستحق الجائزة لأنها شاهدة على المعاناة والشجاعة.. والكاتبة تعليقا على فوزها بنوبل: إحساس رائع