من الجانى ومن المجنى عليه ومن المتهم ومن المسؤول فى قضية «فتاة مركز التسوق» أو «فتاة المول» فى مصر الجديدة؟ هل ما حدث خطأ من ريهام سعيد مقدمة برنامج «صبايا الخير» بنشر صور شخصية للفتاة لتبرير التحرش بها فى «المول»؟ وهل نعتبر ذلك سقطة إعلامية تخالف مواثيق وتقاليد مهنة الإعلام فى التعدى على الخصوصية الشخصية؟ أم أن القضية أكبر من برنامج مثير للجدل ومقدمة يصاحبها كثير من اللغط حول محتوى ما تقدمه وتذيعه على قناة فضائية أو صور الفتاة سمية التى تم التحرش بها، والتمادى فى النشر من دون مراعاة لأية قواعد وأخلاقيات اجتماعية أو إعلامية؟
الواقعة بالتأكيد صادمة، وأصبحت قضية رأى عام، وتفاعل معها المجتمع الإعلامى، وبدت كأنها محاكمة للإعلامية ريهام سعيد- تحديدا- وليست لمشهد إعلامى كامل سمته الانفلات والتجاوز وكسر وتحطيم أية قواعد أخلاقية وضوابط إعلامية فى ظل غياب «حاكم إعلامى» يعيد التوازن للمشهد، ويؤكد على مواثيق وأخلاقيات المهنة التى تراجعت إلى الحد الأدنى لها فى السنوات الخمس الأخيرة.
علاج أزمة فتاة المول من قناة النهار بإصدار إدارتها بيانا محترما تعتذر فيه لكل من ساءته الحلقة، وتأكيده على احترام كل سيدة وفتاة فى مصر وتعليق برنامج «صبايا الخير»، والإعلان عن إجراء تحقيقات حول الواقعة، كان حلا لتفادى تداعيات الأزمة ويستحق الإشادة، لكنه يضع المسؤولين عن المجتمع الإعلامى الذين يجلسون فى مقاعد المتفرجين منذ سنوات ويشاهدون ما يحدث به من حساب الرسالة الإعلامية وعلى حساب قيم وعادات وتقاليد المجتمع، أمام مسؤولياتهم وواجباتهم للإسراع للانتهاء من التشريعات الإعلامية اللازمة وميثاق العمل الإعلامى والمجلس الوطنى للإعلام.
وحتى لا ننسى، فخارطة الطريق لـ3 يوليو تتضمن الاستحقاق الرابع وهو وضع ميثاق شرف إعلامى فى مصر، وهو الاستحقاق الغائب حتى الآن، رغم الضجة التى ثارت والنقاشات الدائرة حول الميثاق الجديد ومجلس الإعلام الوطنى الذى نص عليه الدستور، ولم نر شيئًا، حتى الإعلان، حتى وصلنا لمرحلة «فتاة المول».
القضية ليست قضية ريهام سعيد وحدها، ومن كان فى الوسط الإعلامى بلا خطيئة فليحاكمها أو يرمها بحجر.