نحكى ونناقش إدارة الأزمات بمناسبة الطائرة أو السيول أو الأحداث الطارئة، لكن ماذا عن التصرف فى الأوقات العادية ومن دون طوارئ أو أحداث جديدة؟ فإذا لم تكن الأجهزة المحلية أو الهيئات قادرة على إنجاز النظافة والصرف والمرور والطرق والكهرباء بصورة عادية لا يمكن الثقة فى قدرتها على مواجهة الطوارئ والأزمات.
مثلا أغلب، إن لم يكن كل، الضحايا من الأمطار ماتوا بالصعق الكهربى يعنى من إهمال مسؤولى الكهرباء والمحليات وعدم التفاتهم لإصلاح الأسلاك العارية أو الأعمدة غير المعزولة، وبالتالى فإن الموت وارد فى المطر أو غيره. نفس الأمر فى غياب البلاعات أو انسدادها، بالرغم من أن تقارير الأرصاد توقعت ألأمطار والسيول. يعنى سؤال: ماذا يفعل المسؤولون عن البلاعات والكهرباء والطرق والكبارى فى الأوقات العادية؟
ومن يفترض أن يتابع الأسلاك العارية والفتحات والمصبات والمخارج والمداخل. المفارقة أن الأجهزة المحلية فى الإسكندرية مثلا احتاجت أسبوعين، لتكتشف أن فتحات صرف الأمطار تم إغلاقها والبعض يقول من سنوات أو من شهور، أو اكتشاف إلقاء الأسمنت فى بعض البلاعات.
بالطبع يمكننا الحديث عن المحافظين ومسؤولياتهم، ورؤساء الأحياء، لكن من يشغل جيوش الموظفين والفنيين فى كل مكان؟ نحن نتحدث عن عمالة تمثل ثلاثة أو أربعة أضعاف الحاجة، وبالرغم من هذا الرقم فإن المشاكل مستمرة، والمواطن لا يجد الخدمة ويعانى، بما يعنى أن هناك موظفين فى مناصب لا يقومون بوظائفهم بل ويعطلون العمل.
سنقول إن هذه كلها تراكمات عقود من الفوضى والتقاعس والجمود، لكن ما لم نفكر فى حل واضح يعيد تنظيم هذه الجيوش، لا يمكن الحديث عن إدارة أزمات. مؤخرا أعلنت الحكومة تشكيل لجنة للطوارئ والأزمات تضم ممثلين عن الوزارات الأمنية والخدمية تستعين بمن تراه من ذوى الخبرة، لمواجهة الأزمات، وهى خطوات سبق اتخاذ شبيه لها من قبل، مع كل أزمة تم نسيانها، والعودة للشكوى مع كل مشكلة.
وإذا كنا نتحدث عن عجز فى مواجهة الأزمات، فالعجز أكثر فى الوضع الطبيعى، يعنى لا يمكن للمواطن أن يحصل فى الحالة الطبيعية على حقه فى العلاج والتعليم والشوارع والمرور، ومهما كانت هناك لجان لمواجهة الأزمات فسوف تعمل فقط لحل الأزمات التى يسببها الإهمال.
ربما تكون الإدارة هى النقطة الغائبة والمنسية فى زحام الوضع، الإهمال الفساد التردى فى المحليات، وكلها متشابكة ومتصلة، وتحتاج خارطة طريق أكثر عمقا من خارطة الطريق السياسية، ومن دونها لا يمكن الانتقال إلى المستقبل بقلب جامد، وإلا كنا بحاجة للجنة أزمات تواجه من يصنعون الأزمات.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة