أكرم القصاص

خارطة الخلاف والاختلاف!

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015 07:32 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قلنا عن الحاجة لإدارة الأزمات تحتاج أولا لإصلاح منظومة الإدارة، وهو أمر يتطلب خارطة طريق تبدو أكثر أهمية من خارطة السياسة، لأن الفشل الإدارى والفساد وتردى أحوال المحليات وتراجع الخدمات كالتعليم والعلاج، هى أساس الغضب ومقياس النجاح والفشل. وتراجعها يرفع أو يخفض حالة الاحتقان السياسى، وحولها يدور الخلاف السياسى بين السلطة ومن يعارضونها أو يختلفون معها.

الخلاف هنا فى التفاصيل وشعور يسود بأنه لا توجد نية للتصرف والعمل، وبالتالى فإن الجدل حول تدخلات إدارية أو أمنية للمنع أو الحصار للإعلام تبدو فى غير محلها لكونها لا تتوجه اتجاهاتها الصحيحة، مناطق الفساد واستغلال النفوذ والفشل والإهمال وتردى الخدمات.

لا يمكن لعاقل أن يتصور أن الناس جميعا يجب أن تتفق على رأى واحد أو ترى رؤية واحدة، والطبيعى أن هناك اتجاهات ووجهات نظر لا تعبر فقط عن خلاف فى وجهات النظر، لكنها تعكس الخلافات والاختلافات بين مصالح كل طرف من الأطراف. وهى مصالح اقتصادية بالأساس. فلا يمكن أن تتفق رؤية أصحاب الأعمال مع مطالب العمال، أو رؤية الرأسمالية مع توجهات اشتراكية أو اجتماعية ترى ضرورة وجود يد للدولة، وتطالب السلطة السياسية بالتدخل فى الأسعار والتوظيف والإسكان والصحة والتعليم، بينما اتجاهات الاقتصاد الحر تريد إبعاد الدولة عن الأنشطة الاقتصادية، وأن تكون مجرد حارس للقانون تطبقه بلا تدخل.

فى السياسة ليس لدينا اتجاهات اقتصادية وسياسية واضحة، فالمسافة بين اليسار واليمين غير واضحة، وهناك اختلاط بين التحالفات السياسية والاقتصادية، فى بيئة تسود فيها الاتجاهات الرأسمالية وتسيطر على السياسة، حتى الأحزاب التى تتبنى مطالب اجتماعية هى أحزاب تبحث عن تمويل رأسمالى.

الفصام هنا يبدو فى أن الأحزاب القائمة أو التيارات السياسية لا تعبر عن المصالح والصراعات فى المجتمع بوضوح، والخلاف لا يبدو بين الرأسمالية التى تطالب بالمزيد من الحوافز والحقوق من دون أى قيود أو واجبات، وأغلبية لها مطالب اجتماعية وخدمية لا تتحقق. وكلاهما يوجه مطالبه للسلطة السياسية التى تقع بين شقى رحى، فهى إذا انحازت للأغلبية ومطالبها تبدو كأنها تعادى رأس المال. وإذا أبدت اتجاهات لمنح حوافز لرجال الأعمال تبدو منحازة لصالح رجال الأعمال، ولهذا فإن ما يجرى من خلافات فى السياسة والإعلام هو تعبير عن هذه المصالح، وهو أمر يحدث فى العالم كله، لكنه عندنا لا يزال غير واضح المعالم ومن دون أن يتم حسمه بشكل واضح مثلما تم فى الغرب، سيبقى الأمر معلقا فى الفراغ.

ومن دون خارطة طريق تحدد مصالح كل طرف، لن يكون هناك قدرة على وضع أسس الخلافات والاختلافات بين الأطراف فى السلطة وخارجها.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة