البرازيل كنموذج يمكن أن توقظ الأمل فى قلوبنا، ففى غضون تسع سنوات فقط منذ سنة 2003، استطاع رئيسها «دى سيلفا»، أن ينقذها من براثن الديون، وينتقل بالفقراء من البحث عن بقايا الطعام فى صناديق القمامة، وأطفال الشوارع، الذين تطلق عليهم الشرطة الرصاص للتخلص منهم، إلى الطبقة المتوسطة الجديدة التى لها الحق فى حياة كريمة، وتمتلك بلاده الآن أكبر مصانع فى العالم لطائرات شارتر والسيارات والأغذية المحفوظة واللحوم، وتحتل المرتبة التاسعة فى جدول أكبر اقتصاديات الدول قبل إنجلترا، وظروف مصر الآن أحسن منهم كثيرا، عندما بدأوا المشوار الصعب، ولكن المهم أن نفعل مثلهم، وأن تضع الدولة خطة للنهضة الاقتصادية، لا تتغير بتغيير الوزراء والحكومات، وأن تقضى على الداء الموروث منذ أيام الفراعنة، هو أن ينسف كل فرعون إنجازات من قبله، ويبدأ من الصفر، فنظل دائما فى محطة الصفر.
البرازيل هى واحدة من 12 دولة فى المجموعة العربية اللاتينية، التى حضر الرئيس السيسى اجتماعاتها فى الرياض، وكان مهما حضوره، لأن هذه المجموعة ستصبح بعد 4 سنوات فقط واحدة من أكبر التكتلات الاقتصادية فى العالم، ومن المهم أن نطرق أبوابها مبكرا، فهى تعانى مثلنا الحصار الذى يفرضه عليها الغرب، والعلاقات التاريخية فيها جوانب مشرقة، حيث لعبت دورا مهما فى مجموعة عدم الانحياز فى الستينيات، وكانت داعمة للمواقف السياسية للرئيس عبدالناصر، واسترجاع هذه العلاقات فى صالح مصر والدول العربية، لزحزحة الحصار التآمرى ومخططات التقسيم وإشعال الفتن والحروب.
هذه المجموعة تصعد بقوة الصاروخ، وحققت دول مثل الأرجنتين وبوليفيا وفنزويلا والإكوادور، معدلات نمو عالية، وتمتلك أكبر احتياطيات البترول فى العالم، وهى متعطشة لتبادل المنافع والاستثمارات والمشروعات المشتركة والأسواق الجديدة، ومن الضرورى أن نفعل مثلهم للخروج من عنق الزجاجة، فقد طبق «دى سيلفا» برنامجا حازما للتقشف فى البرازيل، أدى إلى خفض العجز فى الموزانة العامة، ورفع قيمة العملة المحلية وكبح جماح التضخم، وأهم من كل ذلك أنه خلق أجواء من التعايش الاقتصادى السلمى، وساعده رجال الأعمال والأثرياء بتوظيف ثرواتهم فى المشروعات الصناعية والزراعية الضخمة، ووفروا احتياجات السوق المحلية بدرجة كبيرة، فاستطاعوا جميعا أن ينهضوا ببلادهم، ويتخلصوا من مد اليد للخارج، ويقطف الجميع ثمار التقدم، وعلى رأى الإخوة اللبنانيين «الكلام إلك يا جارة».