أزمات كثيرة تعرضنا لها طيلة الأشهر الماضية، لكن للأسف لم نتعلم منها أى شىء، فالداء واضح أمامنا تماماً والدواء موجود، لكننا مازلنا نفتقد ردة الفعل التى تمكنا من استيعاب هذه الأزمات.
الحديث هنا يشمل الجميع، الإعلام والدولة والأحزاب والمجتمع المدنى ورجال الأعمال وغيرهم، فكل ما تعرضنا له كشف لنا عن غياب آلية مصرية، سواء حكومية أو حزبية أو أهلية لإدارة الأزمات، فكل أزمة نتعامل معها بالقطعة، لأننا للأسف لسنا بارعين فى هذا الفن المسمى بفن إدارة الأزمات الذى يعنى علمياً الاستعداد لما قد لا يحدث والتعامل معه.
منذ ثورة 30 يونيو، ونحن ندرك حجم المخاطر الخارجية التى تحيط بنا، وحالة التربص لكل تحركات الدولة المصرية، ومحاولة الاصطياد فى الماء العكر التى تتقنها بعض دول المنطقة التى تكن عداء شديدا لمصر وللمصريين، ورغم كل ذلك لم نضع روشتة واضحة للتعامل مع هذه المخاطر والتحديات، والأسوأ من ذلك أننا حينما نتحدث عن هذه المخاطر نتحدث مع أنفسنا دون أن يسمعنا الآخرون، وأقصد بالآخرين هنا الخارج الذى إذا استمع لنا فإنه يستمع لخناقاتنا وخلافاتنا وتقطيعنا فى بعضنا البعض.
على المستوى الإعلامى مثلاً قيلت عدة مبادرات نحو مخاطبة الخارج بالشكل الذى يحقق لمصر تواجداً إعلامياً قوياً بالخارج، لكن للأسف كل هذه المبادرات لم ترَ النور، أما لضعف الإمكانيات أو لقلة التصور والحماس أيضاً، والنتيجة أنه تم استبدال هذه الخطط والأفكار بأخرى أقل ما توصف بأنها عقيمة، ولا داعى لذكرها، لأن الجميع على دراية بها.
حتى على مستوى التواصل مع الخارج من خلال المجتمع المدنى فشلنا فى هذا الأمر أيضاً، بعدما تحولت وفود الدبلوماسية الشعبية إلى إطار للمجاملات وقضاء الفسحات الجميلة لأعضائها، دون أن تضيف لمصر أى شىء إيجابى، بل أنها فى مرات عدة تسىء لمصر.
جميل جداً أن يصدر رئيس الوزراء قراراً بتشكيل لجنة للطوارئ والأزمات، لكن المشكلة عندنا ليس فى التشكيل، وإنما فى العمل وآلية التحرك، وهل لدى هذه اللجنة ما يمكنها من إعداد تصورات مستقبلية، وهل سيكون أمامها كل المعلومات التى تمكنها من توقع الأزمة قبل حدوثها، أعتقد أن الإجابة ستكون صادمة للجميع، لأن هذه اللجنة مثل غيرها سيكون دورها شكليا ومرتبطا بمحاولة الحد من آثار أى أزمة نتعرض لها.
ما نحتاجه هو فكر جديد لإدارة الأزمات لا يعتمد مطلقاً على الفكر الحكومى الروتينى، وإنما فكر يأخذ من العلم منهجاً لعمله وتحركه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة