لا خير فينا إن لم نتعلم، ولا خير فيهم إن لم يتعلموا..
الأولى تخص المصريين كشعب، والثانية تخص المسؤولين فى مصر كأهل سلطة وحكم، لا بكاء الشعب أو نحيبه أو عديده أو تنكيته أو قلشه سيفيد وطنا يضربه الإرهاب، ولا صمت السلطة وإرتباكها وتهورها يحمى الدولة من تداعيات تفجيرات الإرهاب، الحل إذن يبقى فى التركيز مع هذا الدرس الفرنسى المجانى.
فى باريس، انطلقت رصاصات الإرهاب، وقتلت الأبرياء وأصابت المئات، وانتفض العالم وتضامن، وفى طيات ما سبق من أحداث دروس يجب التوقف أمامها لعلها تصلح بعضا من الحال المصرى الشعبى والرسمى.
تفجيرات باريس حادثة كاشفة، لم يتوقف دورها عند تعرية الوجه القبيح للإرهاب، بل كشفت عن وجه أقبح لعالم طبقى وانتقائى فى حزنه وتعاطفه، يبكى على ضحايا باريس ويشعل الشموع ويتأهب لشن حروب ضد الإرهاب بمنتهى الحماس، بينما يظل صامتا ومتجاهلا لسقوط عشرات الضحايا فى لبنان، ويتعامل مع الإرهاب فى سيناء وكأنه تمرد يجب على الدولة المصرية احتواؤه، ولا يغضب وهو يرى المئات فى سوريا والعراق ونيجيريا يذبحون على يد داعش وبوكو حرام، تفجيرات باريس كشفت الوجه الأقبح للصحافة الأجنبية، التى خرجت عناوينها وتقاريرها بعد تفجيرات فرنسا تحمل كل معانى العزاء والتضامن، بينما نفس الصحف كانت تجعل من أقلامها سيوفًا على رقبة مصر بعد كل حادثة إرهابية فى سيناء، أو كما حدث بعد سقوط الطائرة الروسية، تستبق العزاء فى دماء المصريين بالهجوم على مصر والتشكيك فى منظومتها الأمنية وإعلان مصر بقعة حرب خطرة على السائحين.
ما حدث فى باريس كشف وجها أقبح من القبح ذاته لبعض السائرين فى شوارعنا من سياسيين ونشطاء وإعلاميين كانوا كلما وقعت حادثة إرهابية فى مصر يسارعون بتعلقيات الشماتة فى السلطة، وسن سكاكين ذبح الأجهزة الأمنية، ثم يتذكرون فى النهاية أن الدماء التى روت الأرض مصرية تستحق العزاء والتضامن، بينما هم أنفسهم كانوا أول من سارعوا بالتضامن والحزن وتقديم العزاء بعد سقوط ضحايا فرنسا، ثم انطلقوا لمديح الشعب الفرنسى الذى نزل إلى الشوارع يتضامن برفع أعلام بلده بينما هم أنفسهم كانوا يسخرون من المصريين حينما يرفعون الأعلام ويعلنون التضامن ودعم مصر بعد أى جريمة إرهابية.
تفجيرات باريس كشفت الوجه العاجز لبعض مؤسسات الدولة المصرية، المؤسسات فى فرنسا تحركت بخطوات ثابتة بعد الحادث رغم بشاعته التى قد تبرر أى ارتباك، ورغم ذلك، تكلم الرئيس هولاند لشعبه مباشرة، لم تصدر بيانات رسمية متناقضة من جهات مختلفة، ولم ينتظر رئيس الوزراء الفرنسى توجيهات الرئيس للتحرك.
الدرس الفرنسى كامل ومتكامل، فقط ينتظر من يستوعبه، وكاشف وفاضح لهؤلاء المتاجرين بسمعة مصر، فقط ينتظر من يفضحهم، وإن كانوا هم سبقوا وفضحوا أنفسهم بأنفسهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة