لابد أن نعرف من هم الذين يتهمهم «بوتين» صراحة
من جديد يحيلنا الرئيس الروسى «بوتين» إلى إرهابيين حقيقيين لا يحاكمهم أحد، بالرغم مما يرتكبونه كل يوم من جرائم فى حق الإنسانية.
بوتين ينقلنا إلى ما هو مسكوت عنه فى مسألة الإرهاب، حين تحدث بعد مشاركته فى قمة العشرين التى عقدت فى أنطاليا بتركيا أمس الأول عن أن 40 دولة فى العالم تمول تنظيم «داعش»، ومن بينها بعض دول مجموعة العشرين.
الرئيس الروسى قال إنه قدم صورًا للقمة من الفضاء والطائرات تبين بوضوح أبعاد تجارة البترول ومشتقاته غير الشرعية، وأظهرت الصور أن قوافل السيارات والناقلات تمتد لعشرات الكيلومترات، وقال: «لقد ضربت أمثلة متعلقة بمعلوماتنا عن تمويل أشخاص من مختلف الدول لأقسام مختلفة من داعش، وجدنا أن التمويل يأتى من 40 دولة، بما فيها بعض دول العشرين».
هذا الكلام ربما قيل مثله فى بدايات ظهور «داعش»، فأمام قوة التنظيم وسيطرته على أراض فى العراق وسوريا، وتمدده تنظيميًا فى دول أخرى، وظهور السلاح الحديث، والعربات المدرعة والمجهزة والسيارات الحديثة كان السؤال: كيف حصل التنظيم على كل ذلك؟، وهل من المعقول أن يكون قد حصل عليها دون سند من أجهزة مخابرات إقليمية ودولية؟، وكيف عبر التنظيم بمثل هذه المعدات من الحدود المتاخمة للمناطق التى يسيطر عليها؟
ظهرت هذه الأسئلة مسنودة بتقارير تتحدث عن أن «داعش» يعتمد على تجارة النفط غير الشرعية من العراق وسوريا، أى تهريبه وبيعه فى السوق السوداء، وأن حصيلة هذه التجارة هى التى يعتمد عليها فى الإنفاق، وبالرغم من كل ذلك بدت هذه المعلومات كأنها استعراض لقوة التنظيم دون أن تتعامل الأطراف المؤثرة دوليًا وإقليميًا معها بجدية، فبقى «داعش» على توحشه.
فلماذا كان هذا الصمت الغربى؟، ولماذا كان هذا التشجيع من أطراف عربية حتى لو قالت عكس ذلك؟، ودعونا من حكاية التحالف الدولى لمحاربة الإرهاب بزعامة أمريكا، فالإرهاب زاد بعده، ولم يتأثر التنظيم بالضربات الجوية التى شنها.
هى أسئلة قديمة لم نجد إجابة قاطعة عنها، وطوال الشهور التى مضت واصل التنظيم تصديره للبترول المهرب، وواصل الإرهابيون مجيئهم من دول الغرب، وواصلت تركيا إدخالهم عن طريقها فى المناطق التى يسيطر عليها التنظيم فى سوريا.
الأسئلة تجددت مع معلومات «بوتين» التى جمعتها أجهزة المخابرات الروسية، ومعنى أن يطرحها بكل ما يحظى به من قوة الآن على المسرح الدولى، أن هناك من أغمض عينه عن «داعش» حتى ينفذ المهمة التى خرج من أجلها، مهمة تمزيق سوريا، ومهمة مواجهة إيران وحلفائها فى المنطقة، ومهمة وضع الدول العربية كلها تحت نيران لا تهدأ، ومهمة توجيه الثورات العربية إلى مسار آخر يتناقض مع طموح التقدم والنهضة، وطموح استعادة كل الحقوق العربية التقليدية، وفى صدارتها فلسطين.
خرج «داعش» ليقدم أعظم هدية لإسرائيل منذ زرعها فى المنطقة عام 1948، ومن هنا يجب أن نضع المعلومات التى قدمها «بوتين» فى سياقها الصحيح، وحتى نعرف الذين يصممون على إدخال المنطقة إلى نار جهنم، لابد أن نعرف من هم الذين يتهمهم «بوتين» صراحة، من هم الذين يشترون البترول المهرب، ويعلمون أن بأمواله يتم قتل أبرياء فى دول المنطقة؟
وضع «بوتين» إصبعه فى عيون القادة الذين شاركوا فى قمة العشرين ولم يختاروا بحسم محاربة «داعش»، بل أطلقوه ليكون «بعبعًا» لمن يريدون نهش لحمه، ومما يبعث على السخرية أن بعض هؤلاء القادة يعتبرون «داعش» تنظيمًا إرهابيًا، أما «جبهة النصرة» فى سوريا التابعة لـ«القاعدة» فليست إرهابية، وهكذا يمر الإرهاب!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة