بلاد الذهب والجمال ربانى.. "النوبة" كنز تغطيه الأتربة.. الرحلة لـ"مدينة الأحلام" تجربة فريدة من نوعها.. الطيبة "جينات" تجرى فى دماء أهلها.. منازل ملونة وطبيعة خلابة ليس لها مثيل

صوت منيب يتردد بقوة، وصفه الدقيق لكل شبر فى بلاد الذهب، والجمال الربانى يتجسد بكل وضوح أمامك، ليس من سمع كمن رأى، وليس من زار النوبة كمن غنى لها مع أحمد منيب ومحمد منير، ذلك المكان الذى يستقر فى نهاية المحروسة هو كنز بكل ما تحمله الكلمة من معنى، الجمال يغطى كل شبر هنا، كل تفصيلة دقيقة طبع عليها أهل البلاد لمسة ساحرة بشكل أو بآخر.






هذا المشهد لن تراه سوى هنا فى بلاد "الذهب"، كغيرهن من سيدات مصر، تحمل نساء النوبة بضائعهن بكل تمكن فوق رؤوسهن، ولكن هنا فقط ترتبط البضاعة بالجمال، فالطبيعى أن مثل هذا المشهد يكون محملًا بالخضراوات والأطعمة، ولكن فى النوبة يكون محملًا بالعرائس الملونة الزاهية، تلك العرائس الخاصة بتراث النوبة، والتى تعدها السيدات بأنفسهن، وهن دائمًا عرائس يصورون السيدة النوبية أو الرجل النوبى، ويتم رسمها بالألوان الزاهية، وتسير السيدات والأطفال ليبيعونها بأسعار ضئيلة لتصبح ذكرى هامة لكل من يأتى للنوبة.






بيوت النوبة هى حالة أخرى متفردة من الجمال، تخيل أنك تسير فى شارع كل منازله ملونة ومرسومة باليد، المثلثات المبهجة هى الأصل وحولها يدور الإبداع الشخصى للأفراد، وكثيرًا ما يرسم الأهالى أراضى الشوارع أيضًا، الأمر ببساطة وكأنك فى مدينة أحلام، كل البيوت مبهجة وهذه هى طبيعتها، ليس الأمر مصنعًا، الفن يغطى كل شبر تمر عليه، وتحولت المنازل إلى مزارات، يفتحها أهل النوبة للسياح للدخول والجلوس، والاستمتاع بالمشروب الأهم هناك "شاى بحليب"، ودون أسباب لن تتذوق مثله فى أى مكان، أما البيوت التى تطل على النيل فهذا سحر آخر لا مثيل له.






ضمن بيوت الذهب أيضًا بيوت مخصصة للتماسيح، ستجد منازل يهتم أهلها بتربية التماسيح، بحيث تكون الجولة داخل المنزل مختلفة، يمكنك الجلوس فى المنازل ومشاهدة التماسيح عن قرب وحينما يأتى وقت الرحيل لن يطلب منك أحد أى أموال، فقط ما تدفعه، فالطيبة "جينات" تجرى فى دماء أهلها.






نهر النيل هنا أيضًا مختلف، مجراه أوسع كثيرًا من الذى نشاهده فى القاهرة، تملؤه عشرات الجزر الخلابة والمبهرة، وتمتلئ الجزر بالأشجار والنباتات التى ترسم حدود النهر باللون الأخضر الخلاب، الرحلة فى نهر النيل فى بلاد الذهب تسحرك وكأنك دخلت لقلب أدغال أفريقيا مع لمسات من الحضارة المصرية المتناثرة على جوانب النهر، ممتزجة بصوت الأغانى النوبية الخالصة مع حكاوى المراكبية الطيبين.






الموسيقى تحتل المكان، الدفوف فى الأيدى، الطعام النوبى التقليدى يتم رصه بكل إتقان، هكذا تبدأ سهرات النوبة، وهكذا ترسم السعادة بسمة كبيرة على ليل بلاد الذهب، الأغانى والرقص والألوان الزاهية يحيطون ليل البلاد الخلاب لتبدأ ليالى السمر والبهجة التى لا تفرق بين نساء ورجال أو بين أطفال وكهول، السعادة هنا مجانية وللجميع طوال الليل.