مشهد 1
ليل داخلى فى أحد مطاعم منطقة الباستيل فى باريس، كانت فتاة فرنسية عشرينية تحتفل بعيد ميلادها مع أحد عشر فردًا من أصدقائها، ودخل إرهابيو داعش عليهم وهم يغنون ويرقصون وقتلوهم جميعًا، وكانت التفجيرات تتردد فى أماكن أخرى، مثل استاد دى باريس، ومسرح باتاكلان، وخلفت قتلى وجرحى، وقامت الدنيا ولم تقعد، ورأينا كم الورود التى وضعت والشموع التى أضيئت، وبرامج التلفاز، وهشتاجات وصفحات السوشيال ميديا تعاطفًا وتعزية.
مشهد 2
قطع متوازى/ قبل ذلك بساعات كان هناك منزل بالعريش فيه حوش كبير ينام به حوالى اثنى عشر فردًا، وعدد من الأطفال من عائلة سيناوية هربت من رفح بأغراضها، ونامت فى هذا المنزل لقريب لهم حتى الصباح لينتقلوا لمنزل آخر، ودخل عليهم إرهابيون كفرة وقتلوهم وهم نيام، ولم ينج إلا فردان وطفل صغير، لماذا قتلوهم؟، حسب بيان لإرهابيى من أسموا أنفسهم «ولاية سيناء»، التابعة لداعش، لأنهم تعاملوا مع الأمن المصرى وأبلغوا عن أماكن الإرهابيين، هذا ما حدث، ولم تقم الدنيا ولم تنتفض، ولا الإعلام العالمى تحرك، ولا السوشيال ميديا أطلقت هشتاجات التعاطف.
مشهد 3
قبل الحادثين بيوم واحد كانت حادثة برج البراجنة فى بيروت، وتفجير شارع مزدحم بالبشر، ومقتل أكثر من مائة، وعشرات المصابين فى حالة خطرة، ولم تقم الدنيا، ولم يتكلم الإعلام الغربى.. مشاهد أخرى لعشرات الضحايا العرب من إرهاب داعش فى العراق، وليبيا، وسوريا، واليمن، والمعايير مزدوجة، والعالم صامت صمت القبور التى دفن فيها الضحايا العرب، لماذا؟، لأن صوتنا هو الأضعف، وإعلامنا هو الأبكم والأخرس، وتأثيرنا ولا شئ، وإذا تكلمنا عن ظلم الآخر وكذبه وتزييفه الحقيقة نقول ذلك لأنفسنا فقط، ونستريح، ونشعر أننا أدينا ما علينا.. ياخيبتنا!
مشهد 4
بوتين يعلن أن قمة العشرين فى تركيا التى تعقد لبحث الإرهاب، وكيفية مواجهته توجد فيها دول تمول الإرهاب بالمال والسلاح، ويقول إن لديه الدليل بالصوت والصورة، ومع ذلك لا يرد أحد، ويكتفون بصورة صحفية جماعية والسلام.. إنه عالم غبى، وزعماء على عروش من دماء.
مشهد 5
مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يعلن أن مصر تبذل أقصى جهدها لمواجهة داعش، والمصريين عانوا من الإرهاب.. يا سلام، كلمات مثل السم فى العسل، لأن نفس المتحدث قال منذ أسابيع إن دول المنطقة لن تصبح كما كانت، وإن هناك دولًا ستختفى، ودولًا ستتغير حدودها، وعندما فضحه المخرج مايكل مور وقال إن المخابرات الأمريكية هى من صنعت داعش، كما ساعدت الإخوان للوصول للسلطة بعد الربيع العربى لم يرد، واكتفى بقوله لـ«مور»: «خليك فى أفلامك».
آخر وأجمل مشهد.. الإعلام المصرى يهرى فى المهرى، ويزيد مساحة الإحباط لدى الناس، بينما الإعلام الأوروبى والأمريكى يهتم بشباب مصر النابغين الذين يخنقهم ويبهدلهم روتين وزارة التعليم العالى، وأكاديمية البحث العلمى، عندك عمرو محمد، 18 عامًا، يتأهل للتصفيات النهائية لمسابقة معمل YouTube الفضائى ليصبح ضمن المتنافسين الستة الأوائل الذين تم اختيارهم على مستوى أقاليم العالم للفوز بالمسابقة العالمية، وتتضمن المسابقة تصميم تجربة علمية مبتكرة يمكن إجراؤها فى الفضاء الخارجى. مصطفى محمد قرنى، 19 عامًا، يبتكر جهازًا مضادًا للزلازل يبدأ عمله فى أثناء وجوده أسفل سطح الأرض بمتر أو متر ونصف المتر تحت كل بناية، فيوقف تأثير الزلازل على المبانى والمنشآت الموجود أسفلها الجهاز. عزة الفياض، 16 عامًا، تحصد جائزة دولية فى مسابقة الاتحاد الأوروبى للعلماء الشباب فى دورتها الـ 23، لابتكارها طريقة للحصول على الوقود الحيوى من البلاستيك، وذلك عن مشروعها «إنتاج الإيثانول عن طريق تكسير المخلفات البلاستيكية البولى إيثايلين».. هل يمكن أن يستقبلهم الرئيس، ويضعهم فى واجهة مشروع بنك المعرفة؟.. إنهم نموذج لعظمة مصر وشبابها الواعد.. الحقوهم قبل أن يهربوا مع الهاربين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة