مصر وطن بلا حصن، تلك مشكلة،مصر وطن حصنها يمتلئ بشروخ عدة ينفذ منها الفئران، تلك كارثة..
مصر وطن يمتلئ بعشرات ممن يعزفون بضجيج على وتر حبه، ولكنهم أول من يطعنونه فى ظهر، تلك مصيبة.
مصر وطن تكتظ وسائل إعلامه ومواقع تواصله الاجتماعى وساحته السياسية بمئات يتحدثون عن دروس الوطنية والانتماء والحفاظ على استقرار الدولة، وحينما يحين وقت المعركة نيرانهم تكون صديقة لا تنتمى لصدر العدو بل تخرق ظهر الوطن وأهله.
ستفهم المرثية السابقة، سرها وسببها وحقيقتها، حينما تقارن بين ما كتبته الصحافة الأمريكية والبريطانية عن حادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء، وبين ما نضح به بعض وسائل الإعلام المصرية وصفحات فيس بوك وتويتر عن نفس الحادث.
وسائل الإعلام الدولية أفردت مساحات اهتمام كبيرة بحادث سقوط الطائرة الروسية فى سيناء كعادتها مع جميع حوادث الطيران، وبالمثل فعلت وسائل الإعلام المصرية، ولكن اهتمام وسائل الإعلام الدولية تم بطريقة تصب فى صالح مصر واستقرارها، بينما اهتمام بعض وسائل الإعلام المصرية لم يكن سوى خنجر فى ظهر هذا الوطن واستقراره.
سياسيون من جميع أنحاء العالم غردوا وصرحوا بكلمات عزاء ودعم للدولة المصرية والضحايا الروس، بينما كثير من أهل السياسة والإعلام فى مصر كانت تصريحاتهم حول الحادث «كوكتيل» من التشكيك، والشماتة والفتى بدون علم، والقول عن جهل.
أهل الغرب كانوا أكثر حرصا فى تغطيتهم الإعلامية لحادث الطائرة الروسية على مصر واستقرارها وصورتها، وأهل مصر كانوا أحرص على «الترافيك» والمشاهدة وتسخين أجواء حلقات برامجهم حتى لو تم ذلك على جثة مصر.
وسائل الإعلام الأجنبية تعاملت مع حادث الطائرة الروسية بشكل معلوماتى ونقلت آراء من كل الاتجاهات ولم تلجأ للعبة التخمينات، ولم تضخم من كذبة «داعش»، والتزمت بالبيانات الرسمية، بينما بعض وسائل الإعلام المصرية اعتمد الفتى بدون علم والتخمين بدون وعى، ونشر الشائعات بجهل مبدأ فى تغطية أحداث الطائرة التى سقطت فى سيناء، مما فتح بابا سهلا لترويج ما أراده البعض بخصوص أن سقوط الطائرة تم بسبب عمل إرهابى، وتسبب فى ارتباك لم تكن القاهرة فى حاجة إليه.
راجع كل تقارير واشنطن بوست الأمريكية والصحف البريطانية الثلاث الجارديان والميرور وتليجراف ودير شبيجل الألمانية، والتغطية التليفزيونية لشبكة سى إن إن الأمريكية، فستجد أن كل هذه الوسائل على مختلف اتجاهاتها وعلى مختلف مواقفها تجاه مصر اعتمدت فى تغطيتها على عدة محاور كلها معلوماتية ورسمية ولم تلعب فى ساحة التخمين أو الشائعات أو نسب معلومات غير موثقة لمصادر مجهلة ولم تتورط فى استضافة خبراء غير مؤهلين أو إذاعة فيديوهات مفبركة، كما فعل البعض فى مصر.
- وسائل الإعلام الأجنبية اعتمدت تمامًا فى تغطيتها لسقوط الطائرة الروسية فى سيناء على تصريحات مجلس الوزراء المصرى، والبيانات الرسمية من النائب العام وعلى تصريحات الجانب الروسى الرسمية، وتعليقات الخبراء المشهود لهم بالكفاءة فى مجال الطيران، واهتمت بإمداد القارئ بخلفيات معلوماتية عن الرحلة وتحرك الطائرة وتاريخها والحوادث القديمة المشابهة.
- لم تطرح هذه الصحف والوكالات الإخبارية أى سؤال ساذج مثل السؤال الذى طرحه موقع وفضائية مصرية حول ما إذا كانت الطائرة سقطت بعمل إرهابى أم لا؟! فتلك أمور لا تحتمل التخمين ولا استطلاع الآراء.
- لم تفرد هذه الصحف والمحطات التليفزيونية العالمية أى مساحة اهتمام للبيان الغامض الصادر عن داعش ليعلن تبنى عملية إسقاط الطائرة الروسية، وبعض الصحف التى أشارت إليها مثل الجارديان نشرته فى سطرين وتعمدت تأكيد أنه بيان غير مؤكد واستخدمت ألفاظا مثل «زعم» فى إشارة إلى عدم التيقن وعدم منطقية البيان وغياب أى أدلة على صحته.
- لم تنشر وسائل الإعلام أى فيديو لطائرة سقطت فى أفغانستان سنة 2013 وتدعى أنه لسقوط الطائرة الروسية فى مصر مثلما فعلت بعض وسائل الإعلام المصرية وأذاعت الفيديو تحت مظلة أنه منشور على الإنترنت.
- لم نشهد أى مضمون صحفى فى وسائل إعلامية دولية معروف موقفها المناهض للسلطة المصرية، وهو يحتوى على شماتة فى الحادث، ولم نر فى الصحافة الأمريكية شماتة فى وفاة أطفال روسيا عدوهم الأول مثلما رأيناها فى مواقع وفضائيات وصحف الإخوان الذين أبدوا شماتة حقيرة فى مصر وفى الضحايا الروس.
- لم نضبط أى وسيلة إعلام دولية متلبسة باللجوء إلى مصادر مجهلة، مثل بعض المواقع الصحفية المصرية التى نشرت شائعات وأخبارا حول تعرض الطائرة لعمل إرهابى على لسان مصادر مجهلة.
- لم تستبق هذه الصحف الدولة فى التحقيقات وتجزم أو تشير إلى وجود شبهة عمل إرهابى، بينما كان أغلب المواقع الصحفية فى مصر تحقق وتفتش فى هذه النقطة قبل أن يتم الإعلان حتى عن الصندوق الأسود أو يحضر أحد فى منطقة سقوط الطائرة.
هل أدركت الآن لماذا أخبرتك فى البداية أن مصر وطن بلا حصن، وأن مصر وطن يعانى من شروخ تملأ حصنه الإعلامى ويتسرب من خلالها فئران الجهل والحقد وقلة الوعى ليملأوا جسد هذا البلد العريق بالأمراض؟!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة