أكرم القصاص

«عالم ذرات»؟.. اسأل قسم المفاعلات!

الإثنين، 23 نوفمبر 2015 07:21 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عن «التوك شو» النووى بتاع كله

كمواطن صالح استمعت وقرأت وتفرجت على الكثير من الأحاديث عن المفاعلات النووية، بمناسبة توقيع عقد مفاعل الضبعة مع روسيا. ويسعدنى أن أقول إن الكثيرين من زملائنا الأشاوس فى «التوك شو»، ودهاقنة الخبرة النووية، لم يقولوا شيئا، وأن الكثير من البوستات والملاحظات حول الموضوع، كالعادة تمت بخفة، سواء خفة ظل أو خفة عقل.

عدد لا حصر له من المتكلمين، كل منهم عين نفسه «عالم ذرات» على طريقة سمير غانم وجورج سيدهم فى مسرحية المتزوجون.. بوستات ومقالات بعناوين «الحقيقة الكاملة للمفاعل النووى الخلاصة.. كل ما تعرفه»، وهو فيروس أصاب الكثير من مذيعى «التوك شو» يظن كل منهم نفسه عالمًا فى كل شىء من الدين للذرة ومن السياسة إلى عجين الفلاحة، ولا يتواضع أى منهم ويسأل ويترك للمختصين والعلماء أو الخبراء الإجابة، ونظن أن هذا هو دور الإعلام ليس فقط التأييد أو الرفض، وإنما طرح الأسئلة والبحث عن إجابات، وليس اللت والعجن الذى يصيب بتلبك عقلى، سواء من يريد التطبيل، أو يعبر عن مصالح قطاع من المجتمع تتضارب مصالحه وحلفائه مع المشروع، أو يريد إبعاد تهمة التطبيل والظهور كفهامة علامة. ولا يمكننا أن نمنع الناس من مناقشة أمر مهم مثل المفاعل النووى، ومن حقنا كمواطنين أن نعرف ما يسمح به من معلومات من خلال علماء أو مختصين بدلا من ترك الأمر لهواة أو مدعين يهمهم فقط نسبة المشاهدة وملء الهواء، ويحتارون بين النفاق الفج الخالى أو الأسئلة العبيطة، وكل من هؤلاء يركب منصة يخطب فيها خطبة عصماء ويتعامل مع الجمهور على أنه يجلس متفرجًا أو تلميذًا، وربما على الجهات الرسمية أيضًا أن تغادر حالة الصمت، وتوفر ما يمكن السماح به من معلومات، تتيح فكرة ما للرأى العام، بدلا من ترك الأمور للهواة والمدعين.

وأقول هذا لأننى كنت طرفًا فى حوار يكشف حجم التشوه الذى يصنعه الجهلاء وأرباع العارفين، فقد سألنى الرجل مبتسما: إيه رأيك فى المفاعل النووى؟ قلت له: هذا سؤال يجيب عنه المختصون، وإن كنت واحدا ممن عاصروا مطالب كثيرة بأن ندخل النادى النووى.

رد: لكن بعض رجال الأعمال يقولون إنه يضيع فرص الاستثمار وتحويل المنطقة الغربية إلى منتجعات سياحية؟ قلت: أنت ترى السياحة نشاط غير مضمون، ونحن نريد أن نتوسع فى الزراعة والصناعات المرتبطة بها، وكل هذا يحتاج للطاقة، والنووى يوفرها، ولو كانت لدينا بدائل لاستعملناها، ومن يعترضون لم يعرف عنهم أنهم استثمروا فى هذه المنطقة، والساحل الشمالى أنشأته الدولة واستهلكت فى إنشائه حقوق باقى مصر من المرافق، وهو يستخدم موسم الصيف فقط. قال: لكنى سمعت الأستاذ فلان- ذكر اسم إعلامى توك شو- يقول إن العالم ينصرف عن النووى. قلت له: هم يتحدثون عن ضرورة رفع درجات الأمان. ثم إن الطاقة البترولية والغاز لا يكفيان، وما أعرفه أن دولاً تراجع أماكن المفاعلات لكن لم يتم إلغاؤها لأن بدائلها أيضا ملوثة سواء النفط أو الفحم.

قال: لكنى قرأت للأستاذ فلان على الفيس- يقصد بوك- يقول إننا نعانى من الجهل والفساد ويمكن أن نفشل فى إدارة المشروع النووى. قلت له: الجهل ليس قدرًا ولا تنس أننا نشغل السد العالى بشكل ناجح، ولو كنا خفنا ما أقدمنا على بناء السد، وكل مشروع له أخطاره، وخلينا نتكلم عن تحسين وتطوير التعليم. فقال لى: لكن الأستاذ فلان- ذكر اسم مذيع توك شو- يقول إننا لا نعرف تكلفة وثمن المفاعل النووى الروسى، ومن المهم أن نعرف. قلت له: يمكنك أن تدخل جوجل قسم المفاعلات وتسأل عن سعر المفاعلات اليابانى والألمانى والصينى والروسى، وسوف تجد الإجابة. ابتسم الرجل، وابتسمت وأنا أفكر فى أننا قد نصل لوقت ندخل فيه صيدناوى أو المولات لنجد لافتة إلى قسم المفاعلات والبياضات، وتساءلت عما إذا كان «مذيع التوك شو» يفتى فى كل حاجة، فلماذا استعصى عليه أن يفتى فى أسعار المفاعلات النووية؟!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة