بعد أن يعدد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الأمثلة التى واجهت فيها الجماعة الإسلامية بجامعة القاهرة فى سبعينيات القرن الماضى، نشاط طلاب اليسار بحفلاته الفنية التى ينظمها، يؤكد أن هذه المواجهات لم تكن بالتنسيق مع السلطة، كان أبوالفتوح وقتئذ رئيسًا لاتحاد طلاب جامعة القاهرة «1977 » وأبرز مؤسسى الجماعة الإسلامية فى الجامعة قبل أن ينتقل إلى صفوف جماعة الإخوان، واللافت فى قراءة الأمثلة التى يذكرها فى مذكراته «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970-1984»، أنها تقودنا إلى نتيجة عكس التى يذكرها هو، تقودنا إلى تأكيد أن التنسيق كان حاضرًا بين الطرفين، السادات بأركان نظامه، والجماعة الإسلامية والإخوان بقياداتهم، تقودنا إلى أن الإعلامى والكاتب إبراهيم عيسى لم يبالغ فى اتهامه لـ«السادات» بمسؤوليته عن الإرهاب فى الوطن العربى والعالم منذ أن أطلق خيوط الجماعة الإسلامية والإخوان فى السبعينيات.
وسأنقل نصا مما يذكره كى نعرف الحقيقة، يقول، إنه يتصور أن السادات رأى أن يضرب التيار الشيوعى بطريقة تلقائية ودون مجهود منه، وذلك بترك التيار الإسلامى يعمل بحرية وينتشر دون وضع العراقيل أمامه أو ملاحقته، وكانت الساحة مهيأة تمامًا لنمو هذا التيار وانتشاره عفويًّا وطبيعيًّا، ويضيف أبوالفتوح: «ما أقطع به أن أحدًا لم يتصل بنا مباشرة أو يناقش معنا اتفاقات أو يعرض علينا صفقة، ولو كان شىء من هذا حدث لتم الاتصال معى بحكم مسؤوليتى عن الحركة الطلابية الإسلامية فى جامعات مصر».
يستطرد أبوالفتوح: «الحق يقال إن السادات قد أزال العوائق أمام الحركة الإسلامية، لكنه- وللإنصاف والأمانة أيضا- لم يضع أى عوائق أمام الآخرين كى يعملوا وينشطوا فى الساحة، السادات كان ذكيا فى إدراكه ومعرفته بالمجتمع المصرى المتدين المحب للإسلام، وكان على ثقة بأنه لو أزال تلك العوائق التى كانت أمام الإسلاميين فسوف يجرف تيارهم جميع التيارات الأخرى» .
يضيف: «كانت الدنيا مفتوحة أمامنا، ولم تكن هناك العقبات التى كانت فى عهد النظام الناصرى فيما قبل أو نظام مبارك فيما بعد، كنت وقتها كقيادة طلابية أستطيع مقابلة رئيس الجامعة صوفى أبوطالب «رئيس البرلمان فيما بعد»، أو حافظ غانم، نائب رئيس الوزراء ووزير التعليم، فى أى وقت، خاصة إذا حدثت أى مشكلة مع الحركة الطلابية أو الجماعة الإسلامية».
وعن علاقة الدولة بجماعة الإخوان يقول أبوالفتوح: «كان هناك أيضا تسامح أو تساهل من الدولة مع الإخوان المسلمين بعد خروجهم من السجون، حيث سمح لهم بالتواجد وبالنشاط العام، مثل إقامة الاحتفالات الخاصة بالمولد النبوى فى الميادين العامة، ولم يكن الجهاز الأمنى يتدخل فى أى نشاط لنا أو لهم من قريب أو من بعيد، حتى جاءت أواخر السبعينيات حين انقلبت الدولة على الإسلاميين جميعا وبدأ التدخل الأمنى يظهر بشدة، لم نسمع أبدًا فى عهد السادات فترة السبعينيات أن أحدًا اعتقل منا أو من الإخوان أو حتى تم استدعاؤه أمنيا «يتحدث أبوالفتوح باعتباره وقتئذ من الجماعة الإسلامية»، ولم يمنعنا من توزيع كتاب أو مطبوعات من أى نوع، ولم نر ضابط أمن دولة يدخل الجامعة ويعترض على أى عمل من أعمالنا».
يضيف: «لم نعرف هذا التدخل المنحط الذى شهدته البلاد قبل السادات وبعده، حتى إننا كنا نخيم بألفى طالب فى «العين السخنة» دون تدخل من الجهاز الأمنى بأى شكل من الأشكال، وكان جميع الطلاب فى المخيم ملتحين يواظبون على الصلاة، كنا ندعو العلماء من جميع الاتجاهات الإسلامية لإلقاء المحاضرات دون أن يسألنا أحد: لماذا أتيتم بهذا؟ أو أن هذا الشخص ممنوع.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة