البرلمان المقبل سيظل تحت المنظار
وإذا كان المنطقى والمأمول، فى مرحلة سياسية واجتماعية متغيرة بعد ثورتين وانتظار برلمان جديد هو تعبير عن ثورة 30 يونيو، أن كل ذلك لن يحدث وسوف تكون هناك رقابة على تصرفات النواب تحت القبة وخارجها. فيبقى السؤال هو ولماذا ينفق المرشح هذه الأموال الطائلة التى تجاوزت مئات المرات سقف الإنفاق التى حددته اللجنة العليا بنصف مليون جنيه للمرجلة الأولى و200 ألف جنيه للمرحلة الثانية.
بالأمس صدر تقرير مهم من» الاتحاد العربى لمكافحة الجرائم الاقتصادية وغسل» حول حجم الأموال التى تم إنفاقها فى الدعاية الانتخابية لبرلمان 2015 بمرحلتيه الأولى والثانية، وقدر التقرير حجم هذه الأموال بحوالى 20 مليار جنيه..! وهى تقديرات ليست نهائية قد تزيد عن هذا الرقم بكثير، فحجم الأموال التى يتم صرفها لا تظهر بالشكل الحقيقى، بسبب عدم وجود رصد ومتابعة حقيقية وآلية للرقابة على حجم هذا الأموال، وابتكار أشكال جديدة من الدعاية لم تظهر من قبل فى الانتخابات المصرية.
على سبيل المثال أحد المرشحين لجأ إلى حيلة ووسيلة جديدة فى الدعاية حيث استأجر طائرة هليكوبتر تطوف فى سماء دائرته لإلقاء الهدايا والبيانات والدعاية الانتخابية على أهالى الدائرة..! ومرشح آخر اصطحب أسدا داخل قفص حديدى فى جولته الدعائية وسط حراسة أمنية، ومرشح أعلن عن تحمله تكلفة إجراء عمليات جراحية مجانية لحوالى 500 شخص، وأحد المرشحين أعلن تحمله تكلفة العمرة لحوالى 500 شخص من أبناء دائرته.
كل ذلك بالإضافة إلى المال المباشر الذى يتم توزيعه مقابل التصويت للمرشح وهى الظاهرة المستمرة من المرحلة الأولى ومن الانتخابات السابقة، وإن كنا نتوقع أن الانتخابات الحالية لن يظهر فيها المال السياسى بهذا الحجم.
الأرقام مزعجة وتثير تساؤلات كثيرة حول هذ الأموال ومن أين تاتى هذه الأموال ولماذا تنفق بهذا الشكل وما النوايا الخفية من إنفاقها. هذا جرس إنذار مبكر للدولة بأجهزتها التنفيذية خاصة أجهزتها الرقابية حتى لا يتحول البرلمان المقبل إلى وسيلة فساد جديدة من قبل الذين أنفقوا 20 مليار جنيه فى الانتخابات. لابد أن تعلن الدولة عن كيفية محاسبة النائبة ومطالبته بتقديم إقرار ذمة مالية لحظة دخوله البرلمان وفى كل عام، وإعادة النظر فى مسألة الحصانة بأنها لصالح النائب داخل البرلمان وتحت القبة فقط ولا يصطحبها معه إلى خارج البرلمان فى المصالح الحكومية وغيرها لتحقيق مصالحه الشخصية ومحاولة «تعويض» ما خسره وأنفقه فى الانتخابات البرلمانية.
القضية خطيرة أيضا وعلى الحكومة دراسة ظاهرة المال السياسى بعد انتهاء الانتخابات وكيفية تحجيم هذه الأموال العشوائية وتوظيفها لصالح مشروعات قومية وليس لصالح أغراض خاصة. فهناك حجم سيولة مهولة داخل الدولة والحكومة ليس لديها الوسائل لتوظيفها داخل القنوات الشرعية لها وليس فى سراديب الاقتصاد الأسود والمال السياسى الحرام. البرلمان المقبل سيظل تحت المنظار والمتابعة والمراقبة والنواب سيتم مراقبة سلوكهم وتصرفاتهم خارج البرلمان. فهل ينجح النواب فى إجهاض المخاوف وإثبات أنهم أنفقوا هذه الأموال من أجل الصالح العام وخدمة أبناء الدائرة وخدمة الوطن. أم أنهم سيخيبون الظن بهم ويعيدون إنتاج فساد ماسبق من ظاهرة « نواب الأراضى» و« نواب القروض» ونواب المخدرات»
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة