الإخوان كانوا يكذبون ويحتالون ويزورون ويخونون ويتآمرن ويفرطون ويتجسسون باسم الوطن، وعندما هب أهل الوطن لتخليصه من براثنهم، قرروا الانتقام من الشعب وتأديبه وأعلنوا عليه الحرب، وأشهروا شرعيتهم المزيفة فى وجه شرعية الوطن، حتى المعزول مرسى الذى لا يؤمن بالوطن، رصع خطاباته الكوميدية بكلمة وطن، لزوم النصب والخيانة وارتداء ثياب المكر، وكانت الحروف تقفز من فمه كالطوب والحجارة، ثم ما أدراك ما أبوالفتوح، رئيس حزب مصر القوية، الذى خرج علينا فى الأيام الأخيرة بدعوة جوهرها الخراب حبا فى الوطن، زاعما أن الانتخابات الرئاسية المبكرة، هى التى تنقذ الوطن من الفوضى والمظاهرات.
المستشارة تهانى الجبالى فجرت قنبلة هدمت المعبد فوق الجميع.
وقالت إن ذلك من أجل مصلحة البلد وإنقاذ الوطن، من صلح الكويت بين الإخوان الإرهابيين وسيف اليزل وأسامة هيكل، والله وحده أعلم من ستصيب الشظايا، فلو صحت اتهاماتها الخطيرة سوف تطير رؤوس قد أينعت حان وقت قطفها، وإذا أخطأت فالمستشارة لن تخرج من المعركة بسلام بل مسخنة بالجراح والطعنات، وانتقلت المعركة الشرسة من شاشات الفضائيات إلى النائب العام واللجنة العليا للانتخابات، وفى كل الأحوال فقد خيمت سحابة داكنة فى سماء البرلمان قبل أن يكتمل، أفسدت الفرحة والبهجة بالنزاهة والشفافية والإقبال المتزايد، وتاه المتنافسون فى سيرك البحث عن مقاعد.
وأمطرت الانتخابات تصريحات سوداء، ترتدى قناع حب الوطن، المتخفى وراء المصالح الشخصية، والتكالب على المناصب وتفجير الفتن والقنابل وإشعال الحرائق، وكان الله فى عونك يا وطن.
المتسلقون على جدران الوطن يهدرون قيمة كلمة وطن، فالوطن هو الأرض التى ارتوت بدماء الشهداء دفاعا عنها، ولا يصح أن يتفوه بها من يتلاعب مع من يتآمرون ضده.
وهو الشعب بقوته الناعمة ووحدة نسيجه وروحه المتسامحة، وهو الدولة القوية التى تحفظ هيبته وتبسط سيادته، وبمفهوم المعاكسة فالوطن ليس بقرة حلوب ولا دجاجة تبيض ذهبا، وليس بابا ملكيا للعبور إلى الشهرة والثروة والمناصب.
والوطن ليس خطبة حماسية، يلقيها المنافقون فى المؤتمرات والفضائيات، فيصفق لهم الجمهور.
الوطن هو الذى يصطف أبناؤه فى أوقات الخطر والمحن والأزمات، والاصطفاف ليس معناه أن يقف الناس فى طوابير الجمعية.
وإنما تتحد إرادتهم للم الشمل ورأب الصدع، ونبذ أسباب الخلاف والصراع، وأعداء الوطن هم من يتحالفون مع الإرهاب، ويرتمون فى أحضان الدول التى تتآمر ضد بلدهم، ويقومون باستعداء الدول الأجنبية للتدخل فى شؤون بلادهم.
والوطن ليس رجل أعمال يبخل عليه فى وقت الشدة، ولا سياسى متربص يلعب بالثلاث ورقات، ولا البرادعى الذى يحمل ظهوره شؤما.
ولا القرضاوى مفتى الدم والقتل، ولا ذلك الطابور الطويل الخامس المختفى تحت جلد الدولة، ويلهو ويعبث بعيدا عن العيون.