«يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى».
هذا كلام لا مناسبة له عن الروح، ويعرّفها بعضهم بقوله: «هى جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسمانى»، وادخل إلى ويكيبيديا أو جوجل وابحث واقرأ، لكن هذا ليس موضوعنا.
يظن البعض خطأ أن الروح مقتصرة على الأحياء، وهذا كلامٌ «بلح»، فالأماكن والأشياء والجمادات تملك روحها التى لا يشعر بها إلا كل صاحب روح مرهفة.
نعيش فى هذه الدنيا «أرواح» تقابل «أرواح» والمصريون يقدسون الروح بكل أنواعها منذ عهد الفراعنة، ويكفيك مثالا على هذا أن المواطن حين يريد أن يشتم زميلا يقول له «يا روح أمك».
روحى وروحك حبايب من قبل ده العالم والله، ورغم أن المصريين لا يؤمنون بتناسخ الأرواح، فهم يعطون للروح قوى خيالية خارقة، فالميت يموت «براحته» و«على كيفه» أما روحه فهى موجودة فى المكان تسمع وترى وتلعب «الاستغماية» مع أهله وأصحابه ولا مانع من أن يكلموها أو يلعبوا معها.
المصريون الأحياء يسكنون فى نصف البيوت فقط، وتظل نصف البيوت الأخرى خالية يخافون الاقتراب منها لأنها «مسكونة» تسكنها «الأرواح»، والأرواح «الساكنة» لا تحب الإزعاج من الأحياء.
تحضير الأرواح فى مصر أكثر من تحضير الماجستير والدكتوراه، والمصريون لا يفرقون بشكل كامل بين الأرواح والجن والعفاريت، وأهى كلها «حاجات بتخوف».
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»، لا تقصر هذا على العلاقات الإنسانية، فكلنا أرواح، وحين ترى عملا ناجحا حتى لو كان ساندوتش بطاطس بالمايونيز أو مسرحية كوميدية أو عمارة 18 دورا، وتشعر تجاهها بأن روحك «اتاخدت» من فرط جمالها، فثق أن وراء هذا العمل أرواحا تآلفت حتى صنعت ما ترى، ويمكنك أن تقيس هذا على مصر نفسها، انظر إلى كم الهيصة الذى تراه، وسيمكنك أن تعرف مدى تآلف أرواح المصريين معا.. ها، إيه رأيك؟
لا تنكر أن كل شىء فى مصر يأتى على الروح ويؤذيها، أنت ترى وتسمع وتشم وتلمس وتحس بكل ما يهتك روحك، يولد الطفل صحيحاً وبمرور الأيام يظل جسده طفلا ولكن تشيخ روحه قبل الأوان، جلد روحه «يتكرمش» و«يبيض» شعرها وتعجز عن الحركة، وهم للأسف لا يكتبون فى بطاقة الرقم القومى «سن الروح» لأننا جميعا طاعنون فى السن.
حافظ على روحك فى مصر، كن كالقطط بسبعة أرواح، لا تسمح لهم بطعن روحك أو سجنها أو اغتصابها أو التحرش بها، لأنك فى النهاية لا تملك غيرها، وكما قال القائل: يا روح ما بعدك روح.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة