نحن فشلة فى التسويق السياسى والسياحى..!
هذه حقيقة، ولا يجادل أحد فيها، وهذا ليس انتقادا لجهة ما أو مسؤول ما فى أجهزة الدولة، فالفشل ليس سببه شخص أو جهة، وإنما هى المنظومة أو «السيستم» البائسة التى ما زالت تتعامل بالأدوات التقليدية والروتينية مع الأحداث، فى ظل ثورة المعلومات وتطور وسائل تكنولوجيا الاتصالات، وتوظيف أدوات الترويج والتسويق الحديثة لخدمة قضايا الدولة السياسية والاقتصادية والسياحية وغيرها. التسويق السياسى والسياحى أصبح أداة مهمة للغاية لتحسين وتلميع صورة الدولة خارجيا وداخليا، ودول كثيرة تنبهت لذلك وأنفقت عليه ملايين الدولارات لتثبيت صورة ذهنية معينة لدى الرأى العام الداخلى والخارجى، ونجحت فى ذلك وحصدت ثمار خطة التسويق ماديا وسياسيا بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
دعونا نعترف بأننا فى مصر ننظر لمسألة التسويق على أنها نوع من الرفاهية، ومن يتحدثون عنها مجرد أشخاص أصابهم انبهارا بالنموذج الغربى، رغم أن هناك مدنا ودولا عربية استعانت بشركات عالمية متخصصة فى تسويقها فى المناسبات والمحافل الدولية وفى وسائل الإعلام الأجنبية. شواهد وأحداث كثيرة تدل على أننا نفتقد الأفكار الإبداعية والخلاقة فى أجهزتنا الرسمية لاستغلالها فى تقديم الصورة الصحيحة والمبهرة عن مصر، وتصحيح الصورة المشوهة والمعلومات المغلوطة، وآخرها على سبيل المثال زيارات نجوم العالم فى الرياضة والفن مثل أسطورة الكرة البرازيلية والعالمية بيليه، وكابتن منتخب إسبانيا تشافى ثم الممثل العالمى مرجان فريمان والموسيقار يانى، ومنذ أيام قليلة لم يعرف أحد أن نجمة لعبة التنس العالمية الروسية الجميلة ماريا شاربوفا جاءت إلى شرم الشيخ فى زيارة خاصة، وبعد حادث الطائرة الروسية فى سيناء (هل عرف أحد من وزارة السياحة أو الهيئة العامة للاستعلامات بزيارة شارابوفا على الأقل؟).
صورة أخرى مضت منذ يومين للأسف ولم يفكر أحد من جهات الإعلام والدعاية الرسمية فى الدولة باستغلالها الاستغلال الأمثل وتسويقها فى وسائل الإعلام الغربى والأمريكى والعربى أيضا والتركيز عليها لإظهار حقيقة الأوضاع فى سيناء للرد على الأكاذيب التى ترددها بعض وسائل الإعلام الغربى مع قناة الجزيرة، عن الوضع الأمنى فى سيناء. فى هذه الصورة وقوف المئات من أبناء سيناء فى طوابير أمام اللجان الانتخابية للبرلمان القادم، واحتشاد الأهالى وهم يغنون ويزغردون ويعلنون التحدى لكل طيور وخفافيش الظلام والإرهاب، ويبعثون برسالة قوية لباقى أبناء الشعب المصرى فى الدلتا والصعيد بأنهم لا ينقصهم الانتماء ولا الدافع الوطنى للخروج لأداء الواجب أمام اللجان الانتخابية، دون النظر إلى تهديدات فلول التنظيمات الإرهابية أو مخاوف من حدوث ما يعكر صفو العملية الانتخابية. أبناء الشيخ زويد ورفح والعريش تحدوا فئران الإرهاب وخرجوا بالآلاف على مدار يومين أمام لجان المحافظة لاختيار نوابهم فى البرلمان دون قلق أو خوف.
هذه الصور للأسف لم تستغل وتوظف من الجهات والهيئات الحكومية المعنية لبثها ونشرها عبر وسائل الإعلام الغربية تحت عنوان- مصلا- «هذه هى سيناء». وأرجو ألا يغضب السفير صلاح عبدالصادق رئيس هيئة الاستعلامات، عندما أقول إن هذه مسؤوليته وفى صميم مهامه فى الهيئة ولا تحتاج إلى مجهود ضخم، وإنما إلى عقل يفكر وإدارة إعلامية وتسويقية تواكب ما يحدث فى العالم من حولنا.
لذلك قلت فى البداية نحن فشلة فى التسويق السياسى، لكن لا يمكن الاستسلام لهذه الحالة، ولدينا الكفاءات والكوادر الفنية المؤهلة لإدارة المنظومة الإعلامية والتسويقية للدولة فى الخارج، والمفترض أن نستعين بها لوقف نزيف الفشل.