نخطئ لو ظننا للحظة خيرا بالحكومات الغربية الوحشية التى تخطط وتتواطأ لتفجير المجتمعات العربية بالحروب الأهلية، وتشن حرب إبادة على العرب والمسلمين بتهريب الأسلحة الأشد فتكًا إليها، ونشر الأوبئة والأمراض على أراضيها وتربية وتسمين الحكام الفاسدين الموالين لها ومقاومة أى حاكم وطنى تشاء المقادير أن يتولى زمام الأمور فى هذا البلد العربى أو ذاك.
نخطئ لو ظننا أن الغرب الاستعمارى سيغير نظرته الاستعلائية الاستغلالية العدوانية تجاهنا، مادمنا لم نمتلك عناصر القوة العسكرية والاقتصادية، وما من مساعدات يقدمها إلا وينهب مقابلها أضعافا، وما من منح يرصدها لنا إلا ويخطط لكيفية استغلالنا عن طريقها، ولنأخذ الموقف فى سوريا نموذجا ومثالا للتعامل الغربى الوحشى مع العرب عموما.
التحالف الغربى بزعامة واشنطن هو من صمم وأشعل وأدار الحرب الأهلية السورية التى دمرت المجتمع هناك وتسببت فى مقتل أكثر من ربع مليون إنسان وتشريد نحو خمسة ملايين آخرين كانوا مستقرين فى مدنهم وقراهم ومصالحهم، وفجأة وجدوا نار الحرب الأهلية تحيط بهم وتفقدهم أموالهم وأراضيهم وأمانهم، فتشتتوا بين البلدان، هل تذكرون الطفل إيلان الذى لم يكمل عامه الرابع ووجده مصور تركى غارقا منكفئا على أحد الشواطئ هناك، بعد خروجه مع أسرته التى كانت آمنة فى رحلة دامية انتهت بالموت والحزن؟
الطفل إيلان أوجع ضمير العالم بعد نشر المصور التركى صورته وهو ميت منكفئ على الشاطئ، وساعتها انتفضت الدول الغربية وأعلنت عن ضرورة حل الملف السورى- الملف الذى أوجدته أصلا بالحديد والنار والدم- كما أعلنت عن استعدادها لوضع ترتيبات لاستقبال اللاجئين السوريين ودعم إقامتهم فى الدول الأوروبية، لكنها وجدت الأمور مكلفة بالنسبة لها، بالإضافة إلى عدم استعداد كثير من المجتمعات الأوروبية لأسباب عنصرية بغيضة- لاستقبال العرب على أراضيها، فكان أن سعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تركيا تغريها بالأموال وبعضوية الاتحاد الأوروبى لتبقى اللاجئين السوريين على أراضيها ومنع دخولهم إلى أوروبا.
ويبدو أن الحل الألمانى لم يرض تركيا، فكان أن وقعت الأحداث الإرهابية فى فرنسا، وانتفض العالم ضد الإرهاب الذى يطال الغرب فقط، وسرعان ما استخدم الساسة الأوروبيون الحادث الإرهابى ليدينوا اللاجئين السوريين رغم أن مرتكبى الحادث قدموا من بلجيكا بعد سنوات طويلة من الإقامة فى أوروبا، وأصبح اللاجئون العرب والسوريون خاصة هم الإرهابيين الذين يريدون إطفاء شعلة الحضارة الغربية وتشويه مدنيتها المستقرة وتلويث ثقافتها السلمية بالعنف والدم.
وبعدها رأينا مشهدين فى غاية الدلالة على عنصرية ووحشية الأوروبيين وانعدام ضمائرهم، أولهما مشهد الرجل العجوز الذى حاول دفع امرأة أمام مترو الأنفاق فى لندن لمجرد أنها محجبة، هو رآها لاجئة مسلمة تريد إفساد ثقافته ومدنيته وتريد تشويه الحياة الغربية وكان الحل فى نظره قتلها بأية وسيلة، وتصرف على الفور بمحاولة إلقائها أمام المترو، وإذا كان هذا هو تصرف المواطن العادى فى عاصمة غربية تمتلئ بالعرب والمسلمين، فماذا تفعل الشرطة والجيش تجاه اللاجئين فى الدول الأوربية الأخرى؟
الإجابة فى المشهد الثانى الموثق بالفيديو على موقع يوتيوب الشهير، عندما حاول خفر السواحل اليونانى إغراق مركب للاجئين سوريين اقترب كالعادة من السواحل اليونانية! هل وصلت أوروبا إلى هذا الحد من الانحطاط والوحشية وانعدام الضمير؟
والإجابة للأسف الشديد، أن المدنية الغربية التى ندور فى فلكها منذ قرنين لم يفارقها أبدًا الانحطاط والوحشية وانعدام الضمير!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة