أفرج عن قيادات الجماعة المسجونين
«كانت الكتب الإسلامية تأتينا من السعودية بالمئات بل بالآلاف، وكانت كلها هدايا لا تكلفنا شيئا»، هكذا يذكر الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فى مذكراته «شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970 1984-»، ويذكرها فى سياق سرده للعديد من الوقائع التى تدعم وجهة نظره بأن العلاقة بين الرئيس الراحل أنور السادات والحركات الإسلامية فى سبعينيات القرن الماضى لم تقم لمحاربة اليسار والناصريين، غير أن قراءة هذه الوقائع تقود إلى أنها بالفعل كانت علاقة متبادلة المنافع، ومحاربة الحركات الإسلامية للناصريين واليساريين فى مقدمة هذه المنافع.
يحيلنا قول أبوالفتوح بأن الكتب الإسلامية كانت تأتيهم من السعودية بالمئات بل بالآلاف، إلى القصة التى يذكرها الدكتور محمود جامع الصديق الحميم للسادات، وتتعلق بنجاحه فى التقريب بين السادات وجماعة الإخوان، وحسب كتابه «عرفت السادات»، فإنه لعب دورا كبيرا فى الإفراج عن القيادات الإخوانية المسجونة منذ عهد الرئيس جمال عبدالناصر مثل المستشار عبدالقادر حلمى والمستشار صالح أبورقيق، وبعد ذلك كلفه السادات بالسفر إلى السعودية للالتقاء بالقيادات الإخوانية الهاربة والتى أسقط عنها الرئيس عبدالناصر الجنسية المصرية، وفى مكة المكرمة التقى بالشيخ يوسف القرضاوى والدكتور أحمد العسال، والدكتور سالم نجم، ورجل الأعمال المهندس طلعت مصطفى، وعبدالعظيم لقمة، وفوزى الفتى، وطمأن «جامع» هذه الأسماء بأن الجنسية المصرية ستعود إليهم وسيرد اعتبارهم، وبالفعل عادوا.
لم تكن هذه الاتصالات التى يذكرها «جامع» بمعزل عن القيادات السعودية، فهى شجعتها كخطوة قوية يترتب عليها تحولات جوهرية فى الحالة الإقليمية للمنطقة ككل، وهى تحولات معاكسة تماما للحالة الناصرية والقومية التى سادت المنطقة فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وكانت الكتب التى تأتى من السعودية هى أداة قوية فى هذا المسار، يقول أبوالفتوح: «كنا نوزع الكثير منها على الطلاب دون أن نعلم ما فيها من مشكلات فكرية ومنهجية، وكثيرا ما أعدنا طباعة بعضها فى سلسلة صوت الحق التى كنا نصدرها، ومهد انتشار الوهابية بيننا رحلات العمرة التى كنا ننظمها من خلال اتحاد الطلاب طوال الصيف، وكانت أول مرة اعتمرت فيها عام 1974، وكلفتنى رحلة العمرة 25 جنيها فقط، وأذكر أننى زرت السعودية بصفتى ممثلا للجماعة الإسلامية فى مصر، وكان العلماء يرحبون بنا كثيرا ويحسنون استقبالنا ويعتبروننا امتدادا لهم هنا فى مصر».
يواصل أبوالفتوح: «كانت رحلات العمرة تتم فى أفواج كبيرة وصل عددها الإجمالى إلى خمسة عشر ألف طالب وطالبة، فكانت أحد روافد نقل الفكر الوهابى المتشدد، فقد كان بعض الطلاب يبقى هناك متخلفا عن القدوم مع الرحلة ويظل حتى موعد الحج، أو على الأقل كان يلتقى بعلماء السعودية، فيعود من الرحلة حاجا معتمرا وشيخا سلفيا وهابيا، يقدم «أبوالفتوح» نماذج من المعارك الطاحنة لجيله ممن تأثروا بالفكر الوهابى ومنها، العلاقة بين الرجل والمرأة، وضرورة الفصل بينهما بدءا بمدرجات الدراسة فى الجامعة، وحتى الفصل بين البنين والبنات فى المدارس الابتدائية وما قبلها، بل كان هناك أفكار حول ضرورة الفصل داخل المستشفيات، بحيث يكون هناك مستشفى خاص بالرجال يديره الرجال، وآخر للنساء تديره النساء، وقضية جواز رؤية خال أو عم المرأة لوجهها وكفيها، كنا نشجع الفتيات على الحجاب وكان نشره من الأنشطة المهمة التى برعنا فيها، وكنا نبيع الزى للطالبات بستة جنيهات ثم ارتفع إلى تسعة جنيهات، وكان يباع باسم الجماعة الإسلامية أو اتحاد الطلاب».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة