حل دبلوماسى للطائرة.. وروسيا لاعب رئيسى
سوف تغلق صفحة إسقاط تركيا للطائرة السوخوى الروسية دبلوماسيا، من دون أن يتم إغلاق الملف نهائيا. الحرب غير واردة لكن الصراع قائم وعلى أشده، والسرى فيه أكثر من المعلن، وليس بالضرورة أن تكون الحرب العالمية بشكلها التقليدى، مع الاعتراف بأن الوضع التركى مع داعش لن يعود كما السابق، فقد سعت تركيا لإبعاد روسيا من النزاع بعد قرار بوتين الدخول بمواجهة داعش، بالرغم من أن تركيا التى تشارك علنا فى تحالف محاربة داعش، وهو ما شككت فيه روسيا علنا، بل واتهمت أردوغان بالتحالف مع داعش سرا، والارتباط معها بعلاقات نفطية وتكتيكية مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك علاقات تتجاوز الـ100 مليار دولار بين تركيا وروسيا، تبادل تجارى وغاز ومفاعلات نووية وسياحة.
أردوغان تراجع فى ملف الطائرة، وبعد أن سارع إلى حلف الناتو وإلى مجلس الأمن لتسجيل موقف وانتزاع دعم أوروبى، جاءت تصريحات أوباما وأولاند، تطلب من تركيا تسوية مع روسيا، وبعد أن كانت التصريحات تؤكد اختراق الطائرة الروسية للمجال التركى، جاءت التصريحات العسكرية التركية بأنهم لم يعرفوا أنها طائرة روسية، وأنهم سيجرون تحقيقا، ويرى محللون عسكريون «روس وأوربيون» أن تركيا بإسقاطها الطائرة الروسية كانت تحاول توريط شركائها فى حلف (الناتو)، لكن بوتين فوت الفرصة، فى حين أعلن وزير خارجية روسيا سيرجى لافروف أن الطائرة الروسية التى تم استهدافها قصفت ناقلات نفط لتنظيم داعش، وليس لمزاعم انتهاك الطائرة للمجال الجوى، وألمح بوتين إلى قطع علاقات دبلوماسية وعسكرية مع تركيا وسحب الرعايا الروس، ووقف مشروعات مشتركة وتلميح لتقليص التبادل التجارى تركيا ثانى أكبر مشتر للغاز الروسى والنفط والقمح الروسى، وهى مصلحة مشتركة للطرفين، ربما يسعى الروس لاستخدامها كأوراق ضغط.
بوتين قال أمس: إن القيادة التركية تجر العلاقات الثنائية لطريق مسدود، ثم أعلن أن موسكو تنتظر اعتذارا من تركيا عن إسقاطها المقاتلة الروسية أو عرض التعويض. فيما بدا قبولا بتسوية دبلوماسية.. واضح أن بوتين لا يريد الدخول فى حرب فرعية تبعده عن الهدف الأساسى، بل إنه يدفع نحو تحالف أوسع، مستخدما الورقة الفرنسية، وتصريحات الرئيس الفرنسى التى دعا فيها لتحالف أوسع يضم روسيا، وهى خطوة تساعد فى تحقيق الدفع الروسى نحو حل سياسى فى سوريا، وبالتالى فإن بوتين يرمى لتحقيق نصر استراتيجى، وليس صراعا فرعيا يورطه مع «الناتو»، وربما يسعى لدعم اتجاه فرنسا لتوسيع التحالف ضد داعش.
ومع هذا يبدو أن بوتين يحتفظ بحقه فى الرد بطريقته، ولديه أوراق يمكنه استعمالها، منها تعرية علاقة أردوغان مع تنظيم داعش، بل وقطع هذه الخيوط، ويواصل الإعلام الروسى التأكيد على علاقات أردوغان مع داعش، والمتاجرة بالنفط مع التنظيم بملايين الدولارات، ونشرت صحف روسية أخبارا عن علاقات بلال ابن أردوغان مع داعش، وهو ما دفع أردوغان للنفى قائلا: «تركيا تشترى النفط والغاز من دول معروفة، من روسيا وإيران، وعلى من يدعى على تركيا بشراء النفط من داعش أن يوثقوا ذلك»، وهى المرة الأولى التى يحاول فيها أردوغان نفى علاقته بداعش، لكنه من الآن لم يعد اللاعب المسيطر.
لهذا فإن بوتين قال: إن تركيا تخاف من انهيار تنظيم داعش، الذى تعتبره قوة مهمة فى مواجهة الأكراد، وأن غارات تركيا على داعش لا تقارن بآلاف الغارات على الأكراد، ويرى محللون عسكريون «روس وأوربيون» أن روسيا يمكن أن تواصل قصف التركمان الذين تعتمد عليهم تركيا لمواجهة الأكراد، كما يمكن لروسيا أن تستخدم ورقة الأكراد لتضاعف خسائر تركيا وتفسد حسابات أردوغان، وأن الرئيس التركى عليه إعادة حساباته والقبول بروسيا كطرف فاعل فى اللعبة الإقليمية، وما يجرى من تسويات محتملة، خاصة أن بوتين بدا ملتزما بالتوازنات الدولية، والنتيجة أن اللعب أصبح على المكشوف، والصراع يدخل مسارات جديدة، حسب قدرة كل طرف على اللعب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة