د. ياسر حلمى حسن الشاعر يكتب: مشروع "الضبعة" حلم مصر

الجمعة، 27 نوفمبر 2015 06:00 م
د. ياسر حلمى حسن الشاعر يكتب: مشروع "الضبعة" حلم مصر مشروع الضبعة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أثار التوقيع النهائى للاتفاق المصرى- الروسى على بناء سلسة من المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربية موجات متباينة من المشاعر، فبينما أعربت أغلب طوائف الشعب المصرى عن سعادتها بالاتفاقية لإدراكهم بالفطرة أن الاتفاقية تحمل خيرا حقيقيا لمصر، كان هناك فى المقابل حالة من الرفض عبر عنه البعض ممن أطلقوا على أنفسهم لقب نخبة والذين عقدت الدهشة ألسنتهم لقدرة مصر على توقيع اتفاقية بهذا الحجم وتلك الشروط المدهشة مع الجانب الروسى فى أجواء بدت أنها ملبدة بالغيوم بين الجانبين على خلفية ما أثاره حادث سقوط وإسقاط طائرة الركاب الروسية فى شرم الشيخ، فانطلقت الأقلام وتبارت بعض المواقع الاجتماعية فى تفنيد اتجاه مصر لبناء مفاعلات نووية بينما العالم كله (من وجهة نظرهم) بدأ فى التخلى عما يمتلكه بالفعل من مفاعلات نووية. الجميع تقريبًا تكلم بنفس النهج واستخدم نفس المفردات وبدا الأمر كما لو أن كل من عارض دخول مصر عصر الطاقة النووية استخرج مفرداته من نفس المصدر أو لو شئنا الدقة، أن بيانًا معدًا مسبقًا قد وزع على الجميع وعلى كل شخص أن يردد محتواه بنبرته الشخصية هو فقط.

ما حدث يدفعنى لطرح عدة أسئلة بدون أن أنتظر إجابات من النخبة، بل إنى أعلم يقينًا على الأقل بحكم تخصصى وأشياء أخرى أنه لا أحد من هؤلاء قادر على الرد. وهذه هى الأسئلة:
السؤال الأول: لماذا تلك الهجمة الشرسة على مصر والتى بدأت مع بشائر التخلص من العقبات التى كانت تعترض بناء سلسة المحطات النووية توليد الطاقة الكهربية فى الضبعة والتى بدت كأحد أهم الأهداف لثورة 30 يونيو.
السؤال الثانى: لماذا كانت الغالبية العظمى من أقطاب الهجوم على بناء مصر لسلسلة محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، من غير المتخصصين فى مجال الطاقة عمومًا ومن الجاهلين تمامًا بالطاقة النووية حتى إن أحد هؤلاء حاصل على الدكتوراه فى مجال الزراعة مثلاً وكان ضيفًا دائمًا للهجوم على استخدام الطاقة النووية منذ أيام حكم الإخوان!.

السؤال الثالث: لماذا يطرح دائمًا جميع المعارضين لدخول مصر عصر إنتاج الطاقة الكهربية باستخدام المحطات النووية (مصر دخلت عصر المفاعلات النووية منذ نهاية الخمسينات) الطاقة الشمسية كبديل أمن ورخيص ونظيف وجميل وظريف وكلام مرسل بدون تقديم أى أسانيد علمية موثقة لتدعيم وجهة نظرهم اعتمادًا على جهل مقدمى البرامج.

السؤال الرابع: لماذا كانت أغلب الأسماء التى طرحها كل من هاجم التوجه المصرى نحو الطاقة النووية لتولى ملف الطاقة فى مصر لخبراء فى مجال الطاقة الشمسية من المهاجرين المصريين منذ عقود إلى ألمانيا تحديدًا، مع العلم أن أغلب تلك الأسماء التى طرحت كانت لمهندسين وليس لعلماء فى مجال الطاقة الشمسية.

السؤال الخامس: لماذا لم يقدم أحد من السادة المهاجمين لدخول مصر عصر الطاقة النووية دراسات موثقة عن التكاليف الحقيقية للطاقة الشمسية المستخدمة فى تشغيل مصنع ومقارنتها بتكلفة الأنواع الأخرى المختلفة للطاقة.
السؤال السادس: لماذا يتكلم الجميع عن مخاطر استخدام الطاقة النووية بدون ذكر إحصائيات دقيقة للمخاطر الناجمة عن مشاكل أو حوادث الأنواع الأخرى من الطاقة بما فيها الطاقة الشمسية.

السؤال السابع: لماذا يردد المهاجمون نموذجًا واحدًا وبنفس التفاصيل وهو "أن ألمانيا قررت تكهين (إغلاق) كل مفاعلاتها بحلول عام 2020" كما لو كانت أغنية يرددها الجميع كالببغاوات وهل هى صدفة مثلاً أن تذكر ألمانيا تحديدًا كمثال!.

السؤال الثامن: لماذا لا يذكر الإخوة المهاجمون لمشروع بناء سلسلة المحطات النووية المصرية فى الضبعة الفترة الزمنية التى يحتاجها تكهين (إغلاق مفاعل) بالتحديد.
السؤال التاسع: هل لدى الإخوة الذين يهاجمون مشروع سلسلة المحطات النووية فى الضبعة تصور للكيفية التى ستنجح بها ألمانيا فى إنجاز خطتها فى تكهين مفاعلاتها فى هذه الفترة الوجيزة من 2015 إلى 2020 بزعمهم، و كم هى النسبة المئوية للمفاعلات التى تم تكهينها بالفعل فى ألمانيا.

السؤال العاشر: لماذا لا يذكر الإخوة الذين يهاجمون مشروع سلسلة المحطات النووية فى الضبعة أن جمهورية ألمانيا فى الواقع دولة واقعة تحت الإحتلال الأمريكى بموجب الإتفاقية التى وقعت بعد الحرب العالمية الثانية، ( بمعنى أن القرارات الألمانية المصيرية لا تتخذ من مواقف سيادية بل ان الدولة االمستعمرة لها هى صاحبة التأثير الفعال و المؤثر فى قرارتها).

السؤال الحادى عشر: لماذا لا يذكر الأخوة المهاجمون لمشروع سلسلة المحطات النووية فى الضبعة فرنسا كنموذج فى التوسع جداً فى إستخدام الطاقة النووية على حساب الأنواع الأخرى من الطاقات مع العلم أن فرنسا تعد من الدول الرائدة فى مجال إستخدام الطاقة الشمسية فى التطبيقات المختلفة.

السؤال الثانى عشر: لماذا لا يذكر الأخوة الذين يهاجمون مشروع سلسلة المحطات النووية فى الضبعة كم عدد المحطات النووية فى أمريكا ونسبة إستخدام الطاقة النووية بالمقارنة بالأنواع الأخرى من الطاقات، مع الأخذ فى الإعتبار أن أمريكا هى الدولة التى يطالبنا دائماً هؤلاء الأخوة المعارضين للمشروع النووى، بضبط بوصلة حياتنا كاملة عليها، و لماذا كل هذا الهجوم الشرس على مصر عندما قامت بالتوجه نحو إستخدام الطاقة النووية تماماً كما فعلت أمريكا.

السؤال الثالث عشر: لماذا يشارك تحالف يضم الاتحاد الأوروبى (منها ألمانيا) مع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وروسيا والولايات المتحدة، فى بناء المفاعل الهيدروجينى فى (سانت- بول- ليز- دورانس بجنوب فرنسا) بتكلفة قدرها 15 مليار يورو (20.3 مليار دولار أمريكى )، المتوقع الانتهاء منه فى 2027 .
-

- كلام على هامش دفتر الأحوال:-


بناء المفاعلات أو المحطات النووية (المحطة هى مجموعة من المفاعلات) تعنى أن يكون هناك تكامل فى الصناعات التى تعتمد على التكنولجيا المتطورة، وبالتالى تكون النتيجة المباشرة لإنشاء محطة نووية هى تطور نوعى هائل فى المجال التكنولوجى وطفرة هائلة فى المجال الصناعى والذى يصب تمامًا فى مصلحة بناء وتقدم الوطن.

ختام يصلح لمشهد جديد


أعتقد أن هدف إبعاد مصر عن المجال النووى هو هدف استراتيجى يتشابه بالضبط مع الهدف الاستراتيجى الذى وضع بعد 25 يناير 2011 بإبعاد جميع القوى السياسية فى مصر لتخلو الساحة تمامًا للإخوان المسلمين للانفراد بحكم مصر تنفيذًا للأجندة الأمريكية الخاصة بتقسيم مصر أو فى أضعف الإيمان تمرير اتفاقية تبادل الأراضى مع إسرائيل.

• أستاذ مساعد الفيزياء النووية - هيئة الطاقة الذرية - مصر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة