نحن نعيش فى زمن مجنون، لا ريب فى ذلك، وكأن شياطين الإنس والجن قررت أن تنفث سمومها فى هواء الكرة الأرضية، فأصيب البشر والزرع وكل ما حولهم بحالة جنون عامة، وإن تفاوتت الدرجات، ويخطئ من يقول إن كل المجانين فى نعيم، فحتى بعض المجانين تأتيهم لحظات تعقّل تفسد عليهم جنونهم.
ولا أزعم أننى من بين أقل المصابين، أو أننى أكثر العقلاء المجانين، لكننى فقط من بين هؤلاء الذين تأتيهم لحظات تعقل، فيركبهم الهم ويسألون أسئلة لا يجدون لها إجابة، لكنهم على كل حال يسألون، وإن لم يرد عليهم إلا صدى صوتهم بالسؤال، وها هى أسئلتى، فهل لديك مثلها؟، فإن كانت الإجابة نعم فانضم لى فى حزب أكثر المجانين العقلاء، أما إن لم تكن تسأل نفسك هذه الأسئلة، فانعم بحياتك، ولا تحمل همًا، لأننا نعيش فى عالم مجنون.
- يقولون إن داعش جيش جرار، تملك من العتاد الكثير، وقوامها آلاف المحاربين، ورأس مالها مليارات تأتى أغلبها من بيع النفط المسروق من آبار البترول العربية فى العراق وسوريا وليبيا.. كلام معقول مقدرش أقول حاجة عنه، ولكن يأتى السؤال: داعش إرهابية، وكمان حرامية، طب مين يا ترى اللى بيشترى منها البترول المسروق، ويمنحها المليارات؟، بالتأكيد أنهم لا يبيعونه على قارعة الطريق للسيارات النقل أو الملاكى، كما أنهم بالتأكيد لا يبيعونه لتموين مولدات الكهرباء، وكمان مش ممكن يكونوا بيخزنوه لوقت عوزه، وإلا ما حصلوا على مليارات لتمويل أنفسهم، يبقى مين؟!
- سقطت طائرة روسية فى الأجواء المصرية فى وقت يجتاح فيه العنف والأعمال الإرهابية العالم، صحيح أن الضحايا روس، ولكن مصر أيضًا وأرضها ضحية سابقة على ضحايا الروس، فكيف حولنا أنفسنا لمتهمين قبل أن يحولنا الآخرون؟، كيف استطعنا بعبقرية منقطعة النظير أن نتحول لمتهمين منذ اللحظة الأولى ونحن ضحايا؟، فحين يكون أول بياناتنا نفى لتهمة ومحاولة إلصاقها بشركة الطيران أو بنوع الطائرة أو بأى شىء آخر فنبدو كالحرامى حين يتم القبض عليه، فيظل يحلف أن اللى سرق هو الواد عبده أو على أو أى أحد آخر، ونترك للعالم حرية التقول علينا ونحن ضحايا، ولا نملك إلا أن نرسل بكاميراتنا لكى تصور فى شرم الشيخ، وتنتقل الحكومة لتجتمع أيضًا فى شرم الشيخ بتكلفة على خزينة الدولة المنهكة أصلاً، ثم يذهب البعض ليسير فى مظاهرات كالفرح البلدى فى ذات المدينة، وسبحان الله ما هى إلا أيام، وتحدث فى باريس ست حوادث إرهابية فى ذات الوقت يموت فيها مئات، فى تراخٍ أمنى فاضح، ورغم هذا تجيد فرنسا دور الضحية، فتسوق صور ضحاياها ليسوا وهم جثث هامدة، بل وهم أحياء، وتسوق صور البكاء عليهم وشعبها ينير لهم الشموع ويضع الزهور.. نعم فرنسا كانت ضحية حادث إرهابى أجادت أداءه، فلماذا لا نجيد نحن دور الضحية ونحول أنفسنا لمتهمين قبل غيرنا؟!
- تعلن أمريكا وتؤكد أنها ستتصدى للإرهاب المتمثل فى داعش، وتقوم بطلعات جوية من خلال تحالف دولى لمواجهة المدعو داعش، وهو نفس ما تقوله روسيا وتفعله، فهى أرسلت قواتها لمحاربة داعش على الأرض السورية.. سبحان الله، أى أن أمريكا وحلفاءها فى أوروبا يحاربون داعش على أرض العراق وسوريا، وكذلك روسيا.. الله، طب فين المشكلة إذا كانت أكبر قوى فى العالم متفقين على حرب داعش وبالفعل يحاربونها، يعنى متفقين، ورغم ذلك فداعش مازالت تعيش وتكبر، ومازالت روسيا وأمريكا خصمين، لماذا؟!
- انفجار فى فندق بالعريش، تفجير فى تونس، انفجاران فى طرابلس بليبيا، استهداف السفارة القبرصية باليونان، رهائن فى فرنسا، طوارئ فى بلجيكا، تهديدات فى لندن، تحذير أمريكى لرعاياها بعدم السفر لأى مكان فى العالم، تركيا تسقط طائرة روسية ثم تذهب تشكو روسيا للناتو.. أليس هذا بعالم مجنون لا يصح أن نسأل فيه أسئلة عاقلة؟!