لا أصدقك فى هجومك على الإخوان وأراه مجرد «فرقعة إعلامية»
عذرًا كمال الهلباوى، لا أصدقك وأشتمّ رائحة الخداع فى هجومك على الإخوان، وعندما تقول «إن الإخوان انتهوا تنظيميًا إلى الأبد»، أشعر بالأسف والألم، لأنك أول من يعلم أن ذلك غير صحيح بالمرة، فعناصرهم فى الخارج ما زالت تتآمر وتحرض وتعبث، وأساءت الأدب فى أثناء زيارة الرئيس لبريطانيا، وقبلها فى برلين وواشنطن، وكوادرهم الهاربة فى قطر وتركيا مازالت تسخّر أدواتها الإعلامية للهجوم على مصر وشعبها ورئيسها، وفى الداخل تتساقط خلاياهم السرية فى أيدى قوات الأمن كل يوم، ومن الاستخفاف بالعقول أن يصدر مثل هذا التصريح قبل أن تجف دماء الشهداء الأبرار فى العريش. واعتاد الهلباوى فى مثل هذه الأحداث الإرهابية الجسام أن يصدر تصريحات دخانية يُشتمّ منها الرغبة فى تبرئة الإخوان، وجذب الانتباه فى اتجاه معاكس.
لا أصدق الهلباوى منذ أن فضحته دموعه، وهو يبكى بحرقة على الهواء مباشرة، تأثرًا بتمثيلية طرد الإخوان من قطر، ولم نشاهد دموع الهلباوى فى أى برنامج تسيل حزنًا على شباب فى عمر الزهور، تغتالهم قنابل الإرهاب الغادرة، وتشوّه أجسادهم وتبتر أرجلهم وأيديهم، وأصدر تصريحه الصادم بأن أحكام الإعدام فضحت مصر أمام العالم، ولم يقل لنا بماذا يحكم القضاة على الإرهابيين الذين قتلوا ضباط كرداسة، ومثلوا بجثثهم، وهل تتوقف الفضيحة إذا توقفت قوات الشرطة والجيش عن أخذ الثأر العادل لشهدائنا الأبرار الذين يتساقطون دفاعًا عن الوطن فى سيناء.. الهلباوى بحكم أنه مؤسس التنظيم الدولى للإخوان، أول من يعلم أن الإخوان هم المحرضون، وأن هذه الجماعات الإرهابية المسلحة خرجت من تحت عباءتهم، ومازال الحبل السرى ممتدًا بين الطرفين.
لا أصدق الهلباوى، وكيف أصدقه وهو الذى يستخدم عبارات قشرية، ظاهرها أنه منشق عن الإخوان، وباطنها أنه مازال مؤمنًا بهم، فهو الذى يؤكد فى حديث صحفى منشور بعد 25 يناير أن «أسامة بن لادن كان رجلًا محترمًا وعظيمًا ومحبًا للجهاد»، وأنه تربطه بأيمن الظواهرى «أخوة ومودة»، وبينه وبين يوسف ندا «أخوة ومحبة»، وهؤلاء الثلاثة بالذات فعلوا بمصر ما لم يفعله ألد الأعداء، وكانوا وراء العمليات الإرهابية التى استهدفت البلاد فى الثمانينيات، وقتلوا السائحين، وأشاعوا الذعر والخوف، ولم نسمع من الهلباوى شجبًا أو إدانة، بل نسمع مودة ومحبة وأخوة وإعجابًا.
لم تكن استقالة الهلباوى من الإخوان، والتى استثمرها على نطاق واسع، أكثر من تمثيلية تليفزيونية، بزعم أنها احتجاج على ترشح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية فى فترة حكم المجلس العسكرى، والإخوان أنفسهم وصفوا هذه الاستقالة بأنها «فرقعة إعلامية» ولا قيمة لها، وكلامهم صحيح لأن اعتراضه كان على «اختيار شخص»، وليس «منهج جماعة»، والدليل أنه يصف دعوة الإخوان دائمًا بأنها «الجميلة المحترمة البريئة مما يحدث»، وكان مؤيدًا بشدة لترشيح عبدالمنعم أبوالفتوح لمنصب الرئاسة بدلًا من الشاطر ومرسى.
الهلباوى يعرف جيدًا أن البلاد الآن فى موسم العطايا الانتخابية، والمشتاقون يتجملون للحصول على مقعد سامٍ ضمن الـ25 نائبًا الذين يعينهم الرئيس، فلماذا لا يكون منهم وينال الشرف الرفيع ويتدرع بالحصانة الحامية، والطريق إلى ذلك سهل وميسور، ولا يتطلب أكثر من تكثيف الظهور فى الفضائيات، وإطلاق تصريحات لها حلاوة، وعليها طلاوة، وأعلاها مثمر، وأسفلها مغدق، وزيادة الخير خيرين، بجانب العضوية المرموقة فى مجلس حقوق الإنسان.. لابد من «رزع» الإخوان كام رصاصة صوت، لا تزعج ولا تصيب ولا تغضب، ولكنها قد تأتى بمزيد من المناصب والخيرات.