انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية بجولتيها مع غياب ظاهر للناخبين لم يقتصر على المتعاطفين مع التيار الإسلامى المقاطع، ولكنه غياب أصاب نسبة كبيرة من الناخبين، الشىء الذى يجعل النظام يرصد ويبحث ويحلل هذه الظاهرة التى تحمل كثيرا من الكلام المسكوت عنه والمواقف الصامته التى يمكن أن ترمى هذا الصمت وراء ظهرها إذا لم يحدث تغيير حقيقى لصالح الجماهير فى قابل الأيام.
القراءات كثيرة ومتعددة الجوانب، خاصةً حول الحديث عن النتائج التى أعلنت باسم الأحزاب فى الوقت الذى لا علاقة للأحزاب بمرشحيها ولا علاقة لهم ببرامجها، فهذه ستكون بمثابة مقاعد فى البرلمان مؤجرة من أصحابها للأحزاب إيجارا مؤقتا، وسنكتفى هنا بقراءة لنتائج الأقباط واليسار، فقد تقدم للترشح 150 قبطيا وصل الإعادة 22 منهم نتيجة لكثرة أعداد الناخبين الأقباط بعد القيد التلقائى، كما أن عادة التصويت الطائفى بين الجانبين مازالت قائمة ومؤثرة إضافة إلى تدخل الكنيسة بالحشد الطائفى بشكل عام وللأقباط بشكل خاص فى مقابل مقاطعة التيار السياسى الإسلامى ومن يتعاطفون معه، بجانب قطاع لا يستهان به من الناخبين لا علاقة لهم ولن تكون بالانتخابات والعمل العام، أما الباقى فهم منقسمون على عشرات المرشحين فى مقابل واحد أو اثنين من الأقباط فى كل دائرة. الشىء الذى جعل الحشد الطائفى للأقباط فى الجولة الأولى يسفر عن 22 قبطيا.
ولكن وبالطبع وحسب قانون الفعل ورد الفعل تكون النتيجة فى أى إعادة هى عدم فوز الأقباط لأن الأصوات التى حاز عليها الراسبون فى الجولة الأولى ستذهب إلى المرشحين المسلمين المعيدين فى الجولة الثانية، ولذا لم يفز من الأقباط غير ثلاثة فقط، وهذه هى النتيجة الطبيعية نتيجة لتلك الممارسات الطائفية، ولكن الجديد بالرغم من هذا أننا لم نجد حادثة طائفية تعكر صفو التصويت ولم نجد منعا جماعيا للأقباط من التصويت كما كان يحدث، بل الأهم هو التغيير الإيجابى الذى يجب أن نرصدة ونفعله وهو أن هناك عددا كبيرا من الناخبين المسلمين صوتوا للأقباط وهذا شىء جميل ومقدر ويوحى بتغير سياسى فى مواجهة الطائفية، ولذا يجب أن ترفع الكنيسة يدها عن الأقباط، وكفى وصاية حتى يكون خروجهم للمشاركة السياسية لا يأخد الشكل الطائفى حتى وإن انحازوا مؤقتا للمرشح القبطى، إضافة إلى الانتهاء من الترشح على أرضية طائفية طلبًا لأصوات الأقباط وأملاً فى مباركة الكنيسة، فهذه هى الطائفية التى لم ولن تفيد الأقباط ولا الوطن.
أما اليسار فلم يفز بغير مقعد للمناضلة الناصرية نشوى الديب، وباسم الحزب الناصرى الذى لا وجود له ولا علاقة له بهذا الفوز، ففوزها كان نتيجة لنضالها والتحامها مع الجماهير فى دائرتها، وفشل اليسار لا يعود للشح المالى فقط، وهو أحد الأسباب، ولكن يعود أساسا إلى هذا التشرذم والتفتت الحزبى الذى كان نتيجة للأمراض الذاتية والشخصية لليسار دائمًا، كما أن اليسار بالرغم من منهجه التقدمى بكل فصائله وانحيازه للفقراء والمظلومين ورفعه شعار العدالة الاجتماعية وهو الشعار المحسن للاشتراكية، ولكن انحسر اليسار وغاب عن الجماهير وهم الوقود الأساسى لأى حركة ولأى تغيير، كما أن خطاب اليسار تجمد وتكلس ولم يتجدد ليساير المتغيرات مع الاحتفاظ بثوابت المنهج، ولذا فلا أمل ولا حل غير إسقاط الذاتية والعودة إلى العمل الجماعى وتأجيل الخلافات الثانوية وتجميع اليسار بكل فصائله على غرار تجربة حزب التجمع، مع الالتحام التام مع الشارع، فلا حدود ولا حواجز للنضال السياسى، ولا نضال دون دفع الثمن.. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة