أكرم القصاص

تسود الشائعات لأن الحقيقة تجلب القليل من التصفيق!

الثلاثاء، 03 نوفمبر 2015 07:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«الجمهور عاوز كده» الرد السحرى لمنتجى سينما المقاولات منذ سادت مع نهاية السبعينيات، فى مواجهة أى انتقادات أواعتراضات بأن أفلامهم سطحية عبارة عن خناقة ورقصة. يقولون إن الأفلام تحظى بإقبال وأن التذاكر تنفد بينما تفشل الأفلام الجادة. نفس الحالة يطرحها بعض الإعلاميين ممن يصرون على تقديم السحر والشعوذة أو الشتائم والملاكمة. يقولون إن نسبة مشاهدتهم عالية والجمهور «عاوز كده».

هذه نصف الحقيقة، وبعض هؤلاء يقدمون خلطة يعرفون أنها تعجب قطاعا من الجمهور، لكنهم يتناسون أن أفلام المقاولات حتى فى عزها كانت تنجح بلا تأثير وأن كبار منتجى السينما مثل سليمان نجيب وغيرهم كانوا ينتجون أفلاما عظيمة وبجانبها أفلام خفيفة بلا إسفاف مما هو ظاهر الآن.

وبالتالى فإن الجمهور ليس وحده اللى «عاوز كده». لكن المذيعين والمنتجين يريدون تحقيق كسب من خلطة، لجذب المزيد من الإعلانات والتمويلات والفوز بصرف النظر عما يريده الجمهور وما لا يريده، أو ما يمكن أن تؤدى إليه هذه البرامج من انتهاك لخصوصية المواطنين، أو التسبب فى إشعال حروب طائفية أو مذهبية.

وعليه فإن صناع الإثارة وبرامج السحر والشعوذة وركوب الجن ونبش القبور، يقولون إنهم ناجحون وأن الجمهور يحبهم ولديهم الكثير من المعجبين، ومنطق «برامج» المقاولات يستند بالفعل إلى حالة معروفة لدى قطاعات من منتجى التسلية، بل وحتى منتجى صناعة «البورنو» التى تحقق مبيعات أضعاف ما تحققه البرامج السياسية الناجحة التى تعتمد على المواجهات.

وفى متابعة نسبة القراءة والمتابعة فى الإعلام يظهر دائما أن الحوادث الغريبة أو الأحداث المثيرة تحظى بمتابعة أكثر من الأخبار الطبيعية، وخبر مولد قطة بعين واحدة أو قاتل يسلخ ضحاياه، يحظى بمشاهدة أضعاف حادث طائرة، أو مقال أو تحقيق عن قضية جادة، كما أن نجوم مواقع التواصل أيضا يفضلون وقوع المزيد من الأخطاء ليجدوا موضوعا ينشغلون به، ولو كانت كل الأمور منتظمة ما وجدوا أمرا مهما. ثم أن المنافسة على النجومية هى الأخرى ظاهرة من ظواهر انفجار المعلومات لدرجة أن هناك أفرادا يسعون لصناعة « فيديوهات» مثيرة تجذب ملايين أكثر مما تفعل برامج محترفة.

أما صناع الإثارة فهم يستندون لقاعدة سادت خلال السنوات الأخير أن الآراء المتطرفة الحادة فى التأييد أو المعارضة هى التى تجلب التصفيق من فريق مؤيد والتصفير من فريق رافض، ونفس الأمر مع برامج السحر والشعوذة والنميمة والشتائم التى تجذب مشاهدين أكثر مما تفعل برامج الحوار والرأى. وأن الاستقطاب سيد الموقف، وأن كل فريق يميل لاستخدام نصف الحقيقة، أو الشائعات، باعتبار أن «الحقيقة لا تجلب الكثير من التصفيق». مثلما تفعل المواقف المتطرفة والحادة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة