منظمات المجتمع المدنى فى معظم دول العالم تلعب دورًا محوريًا فى قضايا التنمية المجتمعية، دون أن تتدثر بالعباءات السياسية المختلفة، ما عدا مصر، فالمنظمات فيها تتخذ من حقوق الإنسان عناوين براقة، وتتحول إلى ظهير سياسى للفصائل المختلفة، وتركز كل جهودها لمناصرتها ودعمها، بعيدًا عن العمل التنموى.
الشعارات السياسية التى تتخذها المنظمات الحقوقية نهجًا تمثل «الدجاجة التى تبيض ذهبًا»، وتفتح أمامها أبواب خزائن التمويل المختلفة، ويتحول أصحابها إلى أصدقاء لكبار المسؤولين فى البيت الأبيض، والكونجرس الأمريكى، والأمم المتحدة، ويخرج كل من جون كيرى وبان كى مون للدفاع عنها فى حالة تعرضها للمساءلة القانونية.
تأسيسًا على هذا النهج، وإقحام عدد لا بأس به من المنظمات الحقوقية نفسها فى عملية التلون السياسى، وضعها موضع الشبهات، وفقدت ثقة قطاعات عريضة من الشعب المصرى، وأفرغوا مصطلح «حقوق الإنسان» من معناه النبيل والرائع إلى مفهوم «المؤامرة»، وهنا الخطيئة التى ارتكبها الحقوقيون المتصدرون للمشهد.
وبعيدًا عن نظريات المؤامرة، وإلقاء التهم جزافًا، فإن هناك أسئلة حائرة تحتاج إلى إجابات واضحة، من عينة السر وراء مساندة المؤسسات الرسمية الأمريكية، ومن خلفها الأمم المتحدة لعناصر مصرية تتخذ من شعارات حقوق الإنسان، والدفاع عن الشواذ، ومهاجمة المؤسسة العسكرية، وإعداد تقارير تمس الأمن القومى المصرى، وتهدده بالخطر، نهجًا وعملًا محوريًا، وترى فيه أنه لب الحريات الشخصية.
هنا من حقنا أن نسأل، خاصة أن بلادنا تمر بحالة استثنائية من المخاطر الجسيمة لم تشهدها عبر تاريخها الطويل، ونبحث عن إجابات شافية تقبلها عقولنا، ولن نقتنع إلا بما هو مقنع، لذلك نسأل: لماذا التقى النشطاء خلال الساعات القليلة الماضية مسؤولين أمريكيين فى قلب القاهرة، وتحديدًا فى حى الزمالك وفى هذا التوقيت؟
تعالوا نتفق على مبدأ مهم، أنه لم تعد هناك أسرار، وأصبحت الاجتماعات، وما يدور فيها من كواليس خلف الغرف المغلقة متاحة، ومن هذه النقطة فقد تسربت مناقشات واتفاقيات اجتماع النشطاء مع المسؤولين الأمريكان وكانت مفاجأة.
الاجتماع بدأ بمناقشة قضية النشطاء الذين دافعوا عن حقوق الشواذ فى مصر، وأيضًا قضية الناشط حسام بهجت، والقبض عليه والتحقيق معه فى جهات سيادية، واستمع الأمريكان إلى أسباب ومضمون وتوصيف القضية، ثم انتقل الاجتماع إلى مناقشة قضيتين مهمتين، يجب الوقوف أمامهما طويلًا بالتفكير والتدبير.
الأولى: ضرورة تدخل الولايات المتحدة الأمريكية، والضغط على الحكومة المصرية لتخفيف القيود على تحركات المنظمات الحقوقية.
القضية الثانية: الاستعدادات الجارية للاحتفال بذكرى 25 يناير المقبل، وإمكانية تطور الأحداث فى هذا اليوم، وشكل الحشد، وهل هناك إمكانية لتوحيد الصف الثورى، جنبًا إلى جنب مع جماعة الإخوان، وكيفية استغلال بعض الأزمات التى وقعت بين عدد من المواطنين والحكومة، وتوظيفها ضد النظام الحالى.
هنا تبرز ملامح الإجابات الواضحة ودون أى تلون عن الأسئلة والمناقشات التى دارت فى الاجتماع بحى الزمالك الراقى، ومنها أن هناك نشطاء يتخذون من شعار حقوق الإنسان وسيلة للتكسب، وتصدر المشهد، وتصفية الحسابات مع النظام، وتأجيج الشارع، وإشاعة الفوضى، وهى البيئة التى يحيا عليها كل من يطلق على نفسه ناشطًا ويتكسب منها المال والشهرة.
أيضًا لا يمكن أن أتفهم على الإطلاق أنه، وفى هذا التوقيت الخطير، يجتمع نشطاء مع مسؤولين أمريكيين لمناقشة أوضاع مصرية داخلية، مع العلم أن واشنطن لا تدير أمرًا دون مقابل، وتشرف بنفسها على تنفيذ مشروع تقسيم وتقزيم المنطقة، وتدعم الجماعات المتطرفة من داعش إلى الإخوان.
أجندة الاجتماع مشبوهة، وخطيرة، من حيث المضمون، وهو ما دار من مناقشة قضايا، أو من حيث الشكل، والمتمثل فى التوقيت.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة