سيادة الرئيس لا تغضب، وإن غضبت اهزم غضبك، فالمشوار لا يزال طويلا، والمسؤوليات تنوء عن حملها الجبال، ونحن فى بلد تعداده تسعين مليونا، وينجب مليونين ونصف المليون كل عام، أى تعداد دولة مثل قطر، وتوفير احتياجاتهم مهمة شاقة، من المأكل والمسكن والتعليم حتى توفير فرص العمل، ومواردنا محدودة وسنواتنا العجاف أطول كثيرا من السمان، ومن قديم الأزل يقول لنا حكامنا اصبروا حتى نخرج من عنق الزجاجة، حتى طال العنق وتلاشت الزجاجة، ووعدونا بالرفاهية والضوء الأبيض فى نهاية النفق، فطال المسير من نفق إلى نفق، وليت الأمر يقف عند هذا الحد، فالأعداء فى الخارج لا يتركونا فى حالنا، والمتآمرين فى الداخل يتربصون بأى فرصة للنهوض والتعافى والوقوف على القدمين.
سيادة الرئيس، هذا هو قدرك الذى يجب أن تتقبله بنفس راضية، فقد جئت لحكم بلد كان على شفا الضياع، وعم الغم والإحباط واليأس غالبية المصريين، وقالوا عليه العوض ومنه العوض، فقد ضاعت مصر إلى الأبد، وكتب الله لمصر وشعبها النجاة على يديك، وشاء قدرك أن تتولى حكم بلد مثخن بالجراح والأوجاع والآلام، ولم يكن أشد المتفائلين يحلم بأن تعود الطمأنينة تدريجيا لشوارعنا، التى كانت مرتعا للجماعة الإرهابية والقتلة والمجرمين والبلطجية، وهل نسينا أيام الجمعة التى كنا نلزم بيوتنا ونتابع الفضائيات، وهى تنقل الفوضى والشغب، وكأننا فى ليبيا أو سوريا أو اليمن، يكفيك فخرا أنت والجيش والشرطة، أن حافظتم على الوطن والدولة والشعب، وبعد ما مرت به البلاد من أحداث يشيب لها الولدان، تغضبك تصرفات وأقوال لا تتسم بالمسؤولية، وتجافى حسن الخطاب؟
سيادة الرئيس اهزم غضبك، فالشعب الذى انتخبك ينتظر منك الكثير، ويثق فى قدرة الدولة على مواجهة الصعاب والتحديات، واستبشر الناس خيرا بإعلان خطة الاقتحام السريع لمشكلة الغلاء، وعندما يلمسون بأنفسهم توفير احتياجاتهم دون جشع أو استغلال، سيطلبون المزيد والمزيد، وصولا إلى محطة الأمل التى طال انتظارها، أمل الناس فى حياة كريمة، ترسخ قيم العدالة والضمير والمساواة، أما الفضائيات المتربصة والأجندات المشبوهة والأصوات الصاخبة، فإما أن تراجع نفسها وتنقى صفوفها وترشد جنوحها، أو سيجرفها غضب الشعب وليس غضب الرئيس.