فى 16 مايو 1956 اعترفت مصر بـ«الصين الشعبية»، وأقامت العلاقات الدبلوماسية معها، وكانت هذه الخطوة من جمال عبدالناصر تحديا للغرب الذى لم يكن اعترف بعد بـ«الصين» تحت قيادة ثورتها بزعامة «ماوتسى تونغ»، والتى وصلت إلى السلطة عام 1949».
قلت هذا الكلام فى وزارة الخارجية الصينية بالعاصمة «بكين»، مضيفا: «أن قرار عبدالناصر كان يذهب إلى المستقبل، وينظر إلى الصين كقوة قادمة تكون سندا كبيرا لمصر، وفتح اعتراف مصر الباب لاعتراف الدول العربية والأفريقية بالصين، ومن الماضى إلى الحاضر فإن زيارتى الرئيس السيسى الأخيرتين هما تأكيد على عمق النظرة الاستراتيجية فى العلاقات بين البلدين».
كان كلامى مفتتحا لسيل من الذكريات الجميلة بين البلدين وفيها، ذكريات استعادت لقاءات فى مؤتمر باندونج بين عبدالناصر والزعيم الصينى شوين لاى رئيس الوزراء والرجل الثانى الذى ظل رئيسا للوزراء حتى رحيله فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى، وإذا كان الحديث عن «ماو» كأب مؤسس للدولة الصينية الحديثة، فإن الحديث عن «شوين لاى» كقيادة يأخذك أيضا إلى عبق التاريخ وذكرياته العطرة فى قصة الثورة الصينية التى يراها البعض «أم الثورات» لاعتمادها على الشعب والقيادة والنفس الطويل، وقصة بناء الدولة التى تطورت بمعجزة تذهل العالم.
فى مقاطعة «كيوتو» وفى إحدى القرى التاريخية بها، خرجنا من معبد للديانة «الطاوية» التى يعتنقها صينيون إلى جانب البوذية، وتوجهنا إلى مبنى محكمة قديم يذكرك بسير التقاضى فى المحاكم قديما، وسرنا فى ممر ضيق يعيدك بجدرانه على الجانبين إلى مئات السنين، ثم توقفنا فجأة على صوت المترجمة وهى تقول: «هنا عاش والد شوين لاى فى هذا البيت أثناء الحرب مع اليابان وقت الحرب العالمية الثانية»، تحول البيت إلى متحف، وهكذا تتأكد قيمة تقدير رموزهم التاريخيين، والأمر على هذا النحو يصب فى «صناعة الثقافة» فى الصين.
بيت والد «شوين لاى» مبنى بطراز صينى بسيط، ويتكون من حجرتين وصالة وبداخلهما أثاث بسيط، وأمامهما مساحة فضاء عبارة عن حديقة، والمساحة كلها نحو مائة متر، وفى الحجرتين صور فوتوغرافية عن صاحب البيت وولده الذى أصبح رئيسا للحكومة.
أعود إلى ما ذكرته فى وزارة الخارجية عن مصر والصين، حيث قال مدير إدارة آسيا وأفريقيا فيها: «نقدر أن مصر من أوائل الدول التى اعترفت بالصين، وأن العام المقبل سيشهد احتفالات بالذكرى الستين لهذا الاعتراف، وفى المستقبل المنظور».. يتبع
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة