خلال ساعات من تحطم الطائرة الروسية فوق سيناء، انطلقت التفسيرات والتحليلات والتقارير، المتضاربة والمتناقضة، والمتقاطعة، وأظهرت تقارير التليفزيونات والفضائيات والصحف عددا هائلا من خبراء الطيران يقدمون تفسيرات فيزيقية وميتافيزيقية، وكل منهم يجتهد فى تقديم أكثر التفسيرات إثارة، فى مثل هذه الحوادث غالبا ما يحرص كل طرف على تبرئة ذمته، وإلقاء اللوم على أى عامل خارجى.
الشركة التى نظمت الرحلة وشركة الطيران، والشركة الصانعة فى البدية أفادت وكالة إنترفاكس بأن هيئة النقل الروسية تجرى تحقيقًا فى مدى التزام شركة «كوجاليمافيا» للطيران بقواعد سلامة الطيران، وذكر تليفزيون روسيا 24 أن مسؤولين فتشوا مكاتب الشركة وصادروا بعض الوثائق، عن اتهامات سابقة بارتكاب مخالفات، بعد ذلك نقلت «بى بى سى» عن مسؤول طيران بالشركة يقول: إن التأثير الخارجى هو التفسير المنطقى للحادث، بينما اعترف مسؤول آخر بالشركة بأنه كان هناك ضرر بذيل الطائرة عام 2001 تم إصلاحه. ونفس الطائرة تعرضت لحادث فى مصر منذ 14 عاما، وكان هذا ردا على خبراء آخرين قالوا إن انفصال الذيل عن الطائرة ربما يكون سبب السقوط.
«بى بى سى» نقلت عن مسؤول الشركة المالكة استبعاد الخلل الفنى، وعن مسؤولى الكرملين أنهم لم يجزموا بأن سبب الحادث إرهابى، وعن الاستخبارات الأمريكية استبعاد عمل إرهابى، أما الإندبندنت فقد نشرت تقريرا نسبته لمصدر سمع «الصندوق الأسود» قال: إن أصواتا غريبة ظهرت فى التسجيلات قبل سقوط الطائرة، والحديث عن انشطار الطائرة لنصفين دافع للبحث عن سبب تفجير أو إرهاب.
وقال مصدر فى لجنة فحص الصندوقين الأسودين: إن الطائرة لم تتعرض لهجوم خارجى ولم يصدر قائدها أى استغاثة قبل اختفائها من على الرادار، وتقارير روسية توضح أن زوجة طيار الرحلة أخبرت الإعلام أن زوجها اشتكى من حالة الطائرة.
ومن أكثر التقارير إثارة، قول تقرير: إن من بين الأسباب المفترضة لتدمير الطائرة عطلا فنيا أو خطأ بشريا، أو انفجارا أو هجوما صاروخيا، أو أسبابا أخرى، وهى صيغة عادة ما تتبعها الصحف فى نشر تقارير غالبا تكون مجرد تكهنات أو تحليلات عامة، تضعها تحت عنوان ينسب لمصدر مجهول أو فرد، وتريد الصحف أن تقدم ما يبدو جديدا، وتخفى التلاعب أو نقص المعلومات فى سياقات احتمالية.
وفى الأغلب تحقيقات كوارث الطيران لا تصل إلى نتائج حاسمة، ومن أكثر حوادث الطيران إثارة وغموضا، طائرة مصر للطيران التى تحطمت أمام الشواطئ الأمريكية فى 31 أكتوبر 1999، وصدر تقرير هيئة سلامة الطيران الأمريكية يعلن انتحار الطيار جميل البطوطى، لأن تسجيل الصندوق الأسود سجل قوله «توكلت على الله»، ويومها حاول كثيرون الرد بأن توكلت على الله لا يقولها منتحر، وإنما شخص يواجه مشكلة. واحد من مليون تفسير للكارثة.