إلى إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة تتجدد الزيارة للعرس السنوى للكتاب فى الإمارة التى تحولت فى سنوات قليلة إلى قبلة للثقافة والإبداع فى الوطن العربى، ورسخت موقعها كعاصمة للفنون بتنوعاتها فى القراءة والمسرح والفكر والتنوير.
الشارقة فى العشرين عاما الأخيرة بنت وأسست مشروعها الثقافى بهويته العربية والإسلامية، ليكون مشروعا لثقافة الأمة لحماية ما تبقى من الهوية وسط مخاطر مخططات الطمس والتشويه، ومحاولات محو الذاكرة العربية الشرسة فى السنوات الأخيرة، تمهيدا لتنفيذ مخطط التقسيم والتفتيت والفوضى فى المنطقة العربية، فالحرب دائما لا تبدأ من السلاح فى اليد، وإنما من الأفكار فى العقل، وتغييب العقل العربى والهوية الثقافية العربية كان طوال الوقت هدفا حيويا وضروريا لأصحاب مشروع الفوضى الخلاقة.
من أقصى الخليج بزغت الشارقة الباسمة بوجهها الثقافى المشرق وبعزم وإرادة من حاكمها العربى المثقف المتفاءل دائما فى مستقبل أفضل لوطنه العربى، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمى، والمراهن دائما على استنهاض همة هذه الأمة ومجدها وتاريخها المجيد من جديد بالتعليم والثقافة والوعى والتنوير فى مواجهة جيوش الظلام والتطرف فى الداخل والخارج.
الشيخ سلطان هو صاحب المشروع الثقافى الكبير الذى كان حلما فأضحى حقيقة واقعة وساطعة الآن فى الشارقة، والقياس هنا ليس بحجم المكان واتساع الأرض وإنما بالمنتج والإنجاز، والإصرار والإرادة والتخطيط السليم، وقبل كل ذلك الحلم والتشبث بالأمل، فالإمارة الصغيرة لديها بنية فنية تفوق دولا كبيرة فى المنطقة من مسارح وقاعات ومعارض وفعاليات فنية وثقافية وغيرها، وتحتضن حاليا مؤسسات عربية ثقافية، ولديها مبادراتها المؤثرة فى الواقع الثقافى العربى، ويمكن اعتبار الشارقة تلعب دورا تعجز عنه وزارات الثقافة فى عالمنا العربى بفضل حاكمها، الذى أطلق عليه المثقفون العرب لقب «سلطان الثقافة» وهو جدير به ويستحقه بامتياز، بإبداعاته ومبادراته ومواقفه المشهودة لدعم كل مؤسسات العلم والثقافة فى الوطن العربى.
العام الحالى يتألق معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته الـ34 وتدريجيا وبفضل حسن التنظيم والإعداد، وإضافة المزيد من اللمسات الفنية والثقافية والإقبال من العارضين والناشرين والزوار، يبدو أنه فى طريقه ليصبح معرض الكتاب الأول فى العالم العربى، إن لم يكن الأول بالفعل.