نعم، يا سيدى، المحترمون فقط فى بلادنا يتألمون سواء قبل ثورة يناير بشكل عام، أو بعد الثورة بشكل خاص.
المحترمون، والشرفاء، يتألمون لألم الوطن، ويسددون فاتورة باهظة الثمن نظرا لتمسكهم بالقيم الأخلاقية والوطنية، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية.
المحترمون، تواروا بعيدا عن الأنظار، مما تَرَكُوا فراغا كبيرا، عاث فيه التافهون فسادا، وتصدر المشهد كل من (هب ودب)، ودون أى حيثية، علمية، أو كفاءة مهنية، أو قيم وطنية.
وإذا حاول بعض المحترمين الظهور فى محاولة حثيثة لتقديم خبراتهم المهنية فى شتى المجالات، ينقض على سمعتهم التافهون لاغتيالها، وإلصاق الأباطيل بها، والتنكيل بهم تحت مزاعم وهمية.
التافهون تصدروا المشهد، ونظرًا لاندثار كل معالم الكفاءة والحيثية، رفعوا شعار (الدوشة تقنن الأوضاع)، فرأينا الأصوات العالية، الزاعقة، المعجونة بكل ألوان وأشكال السباب والشتائم البذيئة، هى المسيطرة التى تحصل على كل الحقوق، ويخشاها الجميع.
نعم يا سيدى، نعيش زمن قلب الحقائق وتشويهها، فكلما حملت فى جعبتك أسوأ الشتائم والبذاءات، والتهديد والوعيد، كلما حظيت باحترام الجميع، وكلما عارضت أى نظام، أو مؤسسة، أو قرار، وكتبت (تويتات) شتيمة وقحة، على حسابك الخاص على موقع التواصل الاجتماعى (تويتر) فإنك أصبحت وطنيا، شريفا، أما الذين يدعمون مؤسسات الدولة، ويرون بلادهم تمر بظروف خاصة، ويدافعون عن الأمن القومى بمفهومه الشامل، فهم من المطبلاتية الخارجين عن ملة (الوطنية) وزناديق يستحقون توقيع الحد عليهم، وكأن الأصل أن تعارض من أجل المعارضة، وتشتم، وتلعن، وتردد شعارات قوية من عينة يسقط يسقط حكم العسكر!
المحترمون، من الكفاءات النادرة بعيدين عن المشهد، والنظام، يخشى الاستعانة بهم، خوفا من هجوم جيش تويتر والفيسبوك الوهمى، وإعلاميين منقلبين، ومن المعلوم بالضرورة أن مصر تمر بأزمة اقتصادية كبيرة، وهناك كفاءات رائعة لا يستطيع النظام الاستعانة بهم، وكأن الناشط التويتراوى والفيسبوكى، والإعلامى المنقلب، سيوفرون الغذاء للأفواه الجائعة.
مصر فى أمس الحاجة للكفاءات المحترمة فى المجال الاقتصادى، ولابد من الاستعانة بهم، وكفى البلاد تجارب، الوضع لا يتحمل، مع ضرورة أن تقوم الدولة بحمايتهم.
ولأن المحترمين يتألمون، والتافهين يتصدرون المشهد، فلن ننتظر أى تقدم أو نهضة، أو استقرار، وأن المسخفين والمسفهين، لكل شىء، وأصحاب الأصوات الزاعقة المنتفخة بكل أنواع السباب والشتائم البذيئة، وتزايد عدد أعضاء تنظيم الابتزاز الاقتصادى والسياسى، فإن البلاد تسير نحو الهاوية بكل قوة.
وإذا كان الغراب دليل قوم، فبشر القوم بالخراب!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة