لا أنكر حقيقة علمية اسمها «أصغر رئيس حزب فى مصر».. لكن من بين كل الوصفات الجاهزة التى يعج بها قاموسنا العربى، لن تجد شيئا نافعا على غرار: كيف تصنع سياسيا أو تجعل من أبنائك علماء، بينما كل التفاهات الأخرى متوفرة مثل وصفة صناعة القنابل، أو جمع الملايين فى عام واحد أو لفت انتباء الفتيات أو حتى استخدام المواصلات العامة دون دفع الأجرة، جرب أن تبحث عن وصفة واقعية ليصبح ابنك مواطنا صالحا وفاعلا فى بيئته المحيطة، إيجابيا فى مجتمعه.. لا تتعب نفسك فى البحث.
يبلغ رئيس الوزراء الكندى المنتخب حديثا «جاستن ترودو» 44 عاما، قضى 40 منها على الأقل فى العمل السياسى والأنشطة المجتمعية حتى يصل لهذا المنصب، رغم أن والده كان رئيس وزراء من قبل، ولأن مصر ليست كندا، فقد تكون المقارنة بينه وبين أصغر رئيس حزب سياسى فى مصر نكتة سخيفة لا تقل سخافة عن تصريحات محمد بدران بأنه يسعى ليكون «رئيس وزراء» لهذا البلد الذى كتب عليه أن يكون آخر مائة عام ضحية لمن يعتقدون أنهم خارقون جاءوا من السماء لإنقاذنا، هذه المرة كان خارقنا متواضعا قليلا فاعترف أن حزبه يتلقى تبرعات من رجال أعمال لكنه لم يقل لنا عن توجهه الاقتصادى لنطمئن على أوجه الإنفاق داخل الحزب أو حتى خطته ليكون له موارد مستقلة تنجيه من عذاب التبعية.
يعتقد محمد بدران - وقد يكون محقا - أن رئاسة الحكومة المصرية ستكون بالسهولة التى أصبح بها رئيسا لاتحاد طلاب مصر ثم عضوا بلجنة الخمسين، والآن رئيسا لحزب سياسى حصد 26 مقعدا فى المرحلة الأولى من الانتخابات، ومع هذا الصعود السلس والسريع والمبرر فى حالة السيولة الشاملة التى نعيشها منذ 5 سنوات، فما الذى يجعل بدران يعتقد بشرعية حلمه فى رئاسة الحكومة دون أى رصيد سياسى أو نشاط مجتمعى أو حصيلة خبرات يحتاجها المرء ليكون كادرا ناجحا؟ الحقيقة.. إما أنه يمتلك من المعلومات ما لا نمتلكه فى هذا الشأن وإما أنه واهم ولم يقرأ السير الذاتية لمن أصبحوا رؤساء حكومات فى سن الشباب، أو أنه مسكين ينطبق عليه قول الشاعر: يَسْعَى الفتى لأمورٍ لَيْسَ مُدْرِكُها.. والنفسُ واحدة والهمُّ منتشرُ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة