بدأت أمس الكتابة عن رواية «الأزبكية» للمبدع ناصر عراق، وأواصل.
كانت مقاومة المصريين للحملة الفرنسية هى الفعل المؤثر الذى أجبر الفرنسيين على الرحيل من مصر عام 1801، وتقدم رواية «الأزبكية» شيئا مختلفا عما هو شائع تاريخيا عن هذه المقاومة، لم تذهب «الرواية» إلى ما هو شائع بأن «الشيوخ» كانوا هم فقط أهل المقاومة ورجالها ودونهم لا يوجد فعل مقاوم.
كانت هناك مقاومة نظمها شباب ثائر دون توجيه من أحد إلا من تصميمهم على أن يحمل الاحتلال عصاه ويرحل، ونجد ذلك فى «العصبة» التى كونها وتزعمها «أيوب السبع»، وأخذ أعضاء هذه العصبة عهدا على أنفسهم بمطاردة الاحتلال الفرنسى بقتل جنوده فى عمليات سرية حتى يجد نفسه مجبرًا على الخروج من مصر.
نفذت «العصبة» مخططها، واستطاع رجالها أن يكتموا السر طوال سنوات الاحتلال، وفشل «الجبرتى» فى معرفة أسرارها حتى يدونه بالرغم من الجلسات والحوارات التى جرت بينه كعالم وشيخ كبير ومرموق، وبين «أيوب السبع» كشاب يطرح الأسئلة التى تعبر عن قلق عظيم، وتقدم «الراوية» حالة «العصبة» ورجالها فى سياق اجتماعى وسياسى وفكرى كانت تعيش فيه مصر وقتئذ، تقدمهم بوصفهم بشرا يقاومون ويعشقون ويتأملون، وتقدم مصر كبلد يأتى إليه آخرون يعرفون جيدًا قيمته، وتقدمها كبلد يتهيأ للانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى.
وتقدم الراوية «عصبة أيوب السبع» بنبوءة «مصر المقبلة» التى تبحث عن ذاتها، فالمقاومة هى الأصل الذى يتأسس عليه المستقبل، وإذا كان من المعروف أن الشيوخ بقيادة عمر مكرم هم الذين قادوا الاتجاه إلى اختيار محمد على حاكما لمصر، فإنه فى المقابل كان هناك من يقول «لا»، ويحذر من خطر هذه الخطوة، ويطرح السؤال الأخطر: «لماذا لا يحكم مصر مصرى؟ وكأن مصر ليس بها رجال، أو كأنها جارية يتسلى بها الباشوات»، وبالرغم من أن المعيار السائد وقتئذ هو أن يكون الحاكم مسلما، فإن هذا الأمر ظل هو الشاغل لـ«أيوب السبع»، وظل قضيته التى صمم على أن يواصل المقاومة من أجلها، رأى أن مقاومة تنظيمه للاحتلال ليس لكى تذهب المكافأة إلى ضابط أرناؤطى.
واصل «أيوب السبع» دعوته للمقاومة، وعبأ رجال تنظيمه لهذه المهمة الكبيرة، لكن عيون «محمد على» كانت ترصد كل شىء حتى قتلت «أيوب».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة