بطول كل ساحل ستجد ما يجذبك عن غيره من السواحل، مما جعل المصريين أصحاب أذواق فى المصايف، بعضهم يمكنه الذهاب للساحل الشمالى لكنه يفضل رأس البر.. فى كل ركن نقش مدهش يكشف عن حضارة تليدة، تحت كل حجر تمثال يحكى ما لم تنقله كتب التاريخ، فى كل مسجد درس فى فن عمارة وتحويل الكتل الجدران الصماء إلى حياة كاملة من الجمال والمتعة، فوق كل مذبح بالكنائس العريقة تتجلى العذراء حجرا أو نورا لتقول للناس إن الأديان ولدت على هذه الأرض.. فى المقابل أنجبت هذه الأرض أكثر ما يؤلمها.. أبناءها.. أحدهم أصبح مسؤولا حكوميا فاشلا لا يدرك قيمة ما بين يديه فأغرقها، والآخر إعلامى شهير فضل أن يسخر من بلده فى وقت تعد فيه السخرية بجاحة والشماتة خيانة.
شرم الشيخ ليست أول بؤرة سياحية تعانى ولن تكون الأخيرة، فطوال أربعين عاما مضت تعثرت مصر كثيرًا وهى تجرى خلف قطار التنمية الذى يستقله الآن من يريدوننا أكثر فقرا وينصحوننا بأن نكون أكثر ديمقراطية وتسامحًا، طوال هذه الأعوام كانت السياحة المصرية- بجانب قناة السويس- هى المصدر الدائم وشبه المضمون لتوفير العملة الصعبة لهذا البلد الذى عانى دائما من اقتصاد رخو أتلفته السياسة، ورغم ذلك لم تسلم السياحة من طعنات متتالية بعضها تافه كأسطورة لعنة الفراعنة، أو مؤلم كفتاوى تحريم العمل فى السياحة، أو مقزز كتراجع جودة الخدمة المقدمة للسياح، أو محرج كالإلحاح السخيف الذى يضغط به العاملون بالسياحة على السائحين للحصول على أموالهم، وعلى قمة الهرم تتربع الضربات الإرهابية.
الكأس دائر.. لن ينصلح حال هذا القطاع مادامت المنظومة الأمنية تتباهى بـ«الكرش»، والعاملون فى القطاع يتفاخرون بـ«الفهلوة» التى تمكنهم من «حلب» السائح، كل صورة من المشاهد السلبية التى نراها نحن المصريين أمورا عادية، تخصم من رصيد السياحة والتاريخ فى هذا البلد عشرات من سنين، كل سخرية من ظروف صعبة تمر بهذا البلد دون أن يتحمل كل طرف مسؤوليته بشفافية ستجعل من النقد البناء سكينا يحمل الموت بطعم النذالة، فارق كبير بين أن تسخر من ممارسات نظام تختلف معه، وبين أن تتشفى فى قطع الأرزاق وتشريد مئات الأسر فى موسم مهم، اختارت كل الأطراف من حولك أن تجعله الأسوأ على الإطلاق للسياحة المصرية.. دعوها تمُت بشرفها أفضل.