محمد البديوى

وهم الخلافة.. من "معاوية" إلى "البغدادى".. "1"

الإثنين، 09 نوفمبر 2015 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يزعمون فيما يزعمون أنها غاية، يريدون لنا أن يعودوا بنا إلى ما يسمونه بـ"دولة الخلافة"، وأن يحيلوننا إلى رأس للسلطة يحكم باسم الله وباسم الدين "كبرت كلمة تخرج من أفواههم".. يزعمون أنها خلافة استمرت حتى 1924 عندما أسقطها أتاتورك، جاهلين أن جوهر فكرة الخلافة سقطت قبل هذا "الأتاتورك" بنحو ألف عام، عندما حولها رجال من وسيلة للعدل والمساواة إلى سيف للبطش والجور والظلم.. عندما صارت "غاية".

يتناسون أن الخلافة، منذ مقتل الإمام على بن أبى طالب، تحولت إلى ملك عضوض يستخدم أصحابه الدين وسيلة لإخضاع الشعوب والعامة.. يعرفون جيدا كيف ورث معاوية بن أبى سفيان الحكم – بحد السيف - لابنه يزيد.. وكيف حول دولة الإسلام الراشدة، وخلافة المسلمين إلى ملك يتوارثونه كابرا عن كابر، وابن خليفة عن خليفة، ويتصارع من أجله أخ مع أخيه من أجل الجاه والسلطان.

يذكرون جيدا، كيف قتل يزيد بن معاوية الحسين بن على، كيف زرع القضيب فى ثنيته بعد موته، كيف قتلوا أبناء بنت رسول الله، ثم يقولون على أنفسهم إنهم خلفاء الله فى الأرض، وأنهم المؤتمنون على ملكوته وسلطانه "إن يقولون إلا كذبا".. يذكرون جيدا كيف رمى الحجاج بن يوسف الكعبة بالمنجنيق، ويقولون إنها خلافة.

فى البدء كان أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان ثم على، ثم لم تكن دولة خلافة.. أىُ دولة عادلة تلك التى تنقض عهد الله فى عصر بنى أمية وتفرض الجزية على من آمن، وتعيث فسادا وطغيانا فى الأرض، يورثون الملك أبناءهم أو أبناء عمومتهم، ودونهم البشر جميعا.

قيم أساسية فرضها الإسلام فى فكرة الحاكم.. على رأسها الشورى ورعاية مصالح الناس والحفاظ على أموالهم والعدل ورفع الظلم والجور.. جميعها قيم لم تتحقق فى حكم بنى أمية الذى استمر 90 عاما.. ظلم وقهر وجور وطغيان وبطش.. يتذرعون بالفتوحات "وما تغنى الفتوحات إن كنت ظالما".

استخدمت الدولة الأموية ومن تبعها على عرش الأمة "الدين وسيلة إلى الدنيا".. استخدموا مال بيت المسلمين فى منح هذا والمنع والتقتير عن هذا.. استولى آل أمية على مال بيت الله فصار فى خزانتهم يستميلون به قلوب العباد وينفقونه فى غير موضعه.. لما مات معاوية بن أبى سفيان ترك ثروة عظيمة هى أموال المسلمين، ودفعا للحرج أوصى بنصف ماله لبيت مال الله حتى لا يقال مات خليفة الله ولا يوجد فى بيت مال الله مال.

يقولون إنها خلافة، يريدون لها أن تعود، يريدون للقهر أن يسيطر، يريد للحاكم أن يبسط سلطانه، ويحكم من فوق منبر الله، يريدون للمنابر أن تسبح بحمد السلطان وجاهه وملكوته.. تخلص له فى الدعاء بشرط ألا تسب الظالمين.. بشرط ألا تسب المتكبرين.. يمكن لها أن تسب المظلومين.

ملوك لبسوا ثياب الخلافة، ملأوا الأرض ظلما وجورا وبطشا - الاستثناءات نادرة وعمر عبد العزيز واحد منها- وعاثوا فسادا وتآمرا وتخطيطا وتنظيما طوال تاريخنا، آل أمية يعذبون آل بيت رسول الله ويسبون ويلعنون من فوق منبر رسول الله، على بن أبى طالب وآله، هكذا يستخدمون الدين، وهكذا يستخدمون المنبر.. هذا هو الحجاج بن يوسف يقتل 70 ألفا من أجل السلطة والسلطان والخليفة والمال.. هذا هو العباس السفاح أول ملوك بنى العباس يتتبع كل أموى ليقتله، ويجيئ برأس مروان بن محمد بعد مقتله ويضعه أمامه ثم يطيل سجوده ويحمد الله "لست أدرى على أى شىء سوى خيبة أمتنا الثقيلة".

يزعمون إنها غاية، يزعمون مرة أنها فى قريش فقط، ثم مرة يقولون إنها فى بنى هاشم فقط، ثم مرة يقولون إنها فى آل البيت فقط.. يزعمون أنها الغاية.. ولا يتذكرون أنه لا فضل لرجل عربى على أجنبى ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح، وينسون قول الله تعالى "وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل".

هل يعلم هؤلاء الذين يطالبون بالخلافة، أن الفترة التى يتباهون بها فى عهد أمة الإسلام التى تركت تعاليم دينها وشرعه، لا تزيد على 200 عام فقط فى الفترة حتى 847 ميلادية.. شهدت فتوحات خارجية، وشهدت أيضا قهرا وقتلا وتنكيلا داخليا.. آل أمية يقتلون العلويين وآل العباس يتتبعون الأمويين والعلويين وينكلون بهم.. ثم يقولون إنها الخلافة.. أى خلافة لله فى الأرض تلك التى يتصارع فيها أقوام بالسيف والمكيدة والمال من أجل كرسى العرش.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة