سعيد الشحات

شراء الناخبين

الثلاثاء، 01 ديسمبر 2015 07:24 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المال الانتخابي كان مهمينا علي المشهد
ذهب "المرشح"ليلا إلي الرجل الذي سيتولي مهمة حشد الناخبين للجان داخل قريته،دفع 20 ألف جنيها له كما قال بعض أنصاره،في حين يقول هو أنه دفع 40 ألف جنيها،وكان الاتفاق علي أن يدفع مبلغا آخر له بعد النتيجة التي ستؤكد ما إذا كان عدد الأصوات التي حصل عليها المرشح هي كما اتفق عليها مع"مقاول"الانتخابات .

فوجئ"المرشح"يوم الانتخابات بأن الأوضاع ليست علي مايرام ،وأن المقاول لم يف بالعهد معه،فاضطر إلي توزيع أنصاره كي يقوموا بجلب ناخبين والدفع لهم مباشرة ،أي أنه دفع مرتين.

في النهاية تحقق لهذا المرشح حلمه بأن يكون نائبا في مجلس النواب ،بعد أن أنفق نحو 3 مليون جنيه وفقا لبعض التقديرات،فلماذا فعلها ؟،لماذا ينفق كل هذا المبلغ لدخول مجلس النواب ؟ .

القصة التي أذكرها عن المرشح الهمام ،أرويها من أرض الواقع وكما عرفتها،وأعتقد أنها لن تحمل أي قدر من الغرابة لمن يقرأها،لأنها تكررت بمضمونها في كل الدوائر الانتخابية بمصر،مع اختلاف في بعض التفاصيل ،ويعرف الناخبون مئات القصص عن هذا الأمر ولو تم جمعها وتوثيقها لتأكدنا أننا كنا أمام مشهد انتخابي بالغ السوء في هذا الجانب ،ولم تشهده مصر من قبل ، صحيح أن عملية التصويت أشرف عليها القضاة بنزاهة ، وقامت الأجهزة الأمنية من ضباط الشرطة والجيش بتأمين العملية الانتخابية بكفاءة ، إلا أن المال الانتخابي الذي تم دفعه كان هو المهمين علي المشهد ، وهو الذي يطعن في المشروعية السياسية والأخلاقية لهذه الانتخابات.

اللافت في الأمر أن الرشاوي المالية التي دفعها المرشحون في هذه الانتخابات،لم تكن بالقيمة التي يتم انفاقها في الانتخابات التي جرت في ظل نظام مبارك ،فبالرغم من سوء سمعتها،إلا أن الناخبين وقتها كانوا يعرفون مقدما أسماء الناجحين الذين سيجتازون الانتخابات ليس لكفاءتهم وشعبيتهم،وإنما لأن الأجهزة الأمنية هي التي كانت تقرر إنجاحهم فتقوم بعلمية التزوير بتسويد البطاقات الانتخابية لهم، ولهذا كان المرشحون يوفرون علي أنفسهم ولا يدفعون كثيرا ،باستثناء حالات في دوائر كانت معروفة .

اختفت الرشاوي المالية في انتخابات 2012 ، وكان المناخ السياسي المتوهج بفضل استمرار نبض ثورة 25 يناير بمثابة القيد الكبير ، صحيح أن جماعة الإخوان كانت تغري المناطق الفقيرة بما سمي ب" الزيت والسكر " ، إلا أن ظاهرة " مقاولو الانتخابات " ، وشراء الأصوات مباشرة ، لم تسيطر علي المشهد الانتخابي العام وقتها،كما حدث في الانتخابات الحالية ، فلماذا حدث ذلك ؟.

هناك أكثر من سبب ، يأتي أهمها في النظام الانتخابي ،حيث ثبت من التجربة أنه كلما أبقينا علي النظام الفردي ستكون الرشاوي المالية هي المهيمنة،وسيكون المناخ مشجعا لشراء الأصوات،وأمامنا تجربة انتخابات 2012 والتي جرت وفقا لنظام القائمة النسبية ، حيث ذهب الناخب إلي صندوق الانتخابات ليعطي صوته لقائمة وليس لفرد ، وبالرغم من أي عيوب يمكن ذكرها في هذا النظام إلا أنه عالج بقدر كبير وملموس مسألة شراء الأصوات ، ووصل الأمر إلي حد أن بعض الذين خاضوا الانتخابات لأول مرة ونجحوا ، أعلنوا بكل شفافية حجم إنفاقهم ،وأذكر منهم الدكتور عمر حمزاوي ،والدكتور عمرو الشوبكي،وكانت في حدود ال 150 ألف جنيه علي ما أذكر ، وذهبت جميعها في الدعاية بكافة أشكالها .

ومن خبرة الماضي ،وواقع الحاضر ،يتأكد أن معالجة النظام الانتخابي هو خطوة أولي للقضاء علي ظاهرة شراء الأصوات التي تؤهل أشخاص غير جديرين لحمل كارنيه عضوية البرلمان









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة