هل يعلم المرشح العنصرى أن مليارات المسلمين موجودة فى بلده؟
دونالد ترامب المرشح المحتمل عن الحزب الجمهورى لمنصب الرئيس الأمريكى فى الانتخابات المقبلة، تحول إلى فى الفترة الأخيرة إلى أكبر إرهابى فى العالم، وأصبحت جرائمه منافسة لجرائم تنظيم داعش الإرهابى، والسبب دعواته الشاذة التى بدأت بطرد المسلمين من الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم دخول أى مسلم إلى الأراضى الأمريكية ثم مطالبته بمنع النت عنهم، أفعال وأقوال هذا العنصرى تجعله يقف فى صفوف الإرهابيين الذين يقتلون المسلمين والأجانب معا، وتؤكد أن التطرف ليس قاصرا على الدواعش فقط، بل هناك من تربى فى أحضان الديمقراطية واللبيرالية ولا ينطق لسانه وأفعاله إلا بكل ما هو يدعم الإرهاب، وإذا كنا نعذر بعض تابعى الدواعش بكل هذا الإرهاب، فإننا لا يمكن أن نعذر المدعو دونالد ترامب الذى نسى أن المسلمين الذين لا يريد إدخالهم أراضيه، تجنى دولته مليارات الدولارات من هؤلاء المسلمين الذى يريد أن يلقيهم فى المحيط، نعم، هناك ازدواجية تفضح الوجه الآخر لمرشح الانتخابات الأمريكية دونالد ترامب المثير للجدل، ويؤكد أن هذا العنصرى ترامب، يحب فقط أثرياء المسلمين.
ويبدو أن الإرهابى ترامب نسى أن موطنه الأمريكى هو أم العنصرية والإرهاب، وتقرير منظمة العفو الدولية الأخير كشف جرائم كبرى قامت بها الشرطة الأمريكية، ومنها استخدام قنابل غاز محرمة دوليا فى مواجهة الاحتجاجات الشعبية على عدم مقاضاة الشرطى الأبيض. وشكك التقرير فيما إذا كانت السلطات الأمريكية المنوط بها تنفيذ القانون قامت بواجبها على الوجه الصحيح، فى إشارة إلى أن اعتبارات عنصرية تدخلت فى هذه القضية. وغنى عن البيان أن حادث قتل مواطن أسود ثم عدم مقاضاة قاتله الأبيض، لن يبدو أكثر من نقطة فى بحر، إذا أردنا أن نتعرض إلى تفاصيل السجل الأمريكى فى انتهاكات حقوق الإنسان، سواء محليا أو دوليا، إلا أن معطيات سياسية فى الأساس تمنح الولايات المتحدة وضعا استثنائيا يتمثل فى حصانة من المحاسبة على ما ارتكبته من جرائم كبرى ضد الإنسانية، وكشف تقرير خطير نشرته صحيفة القدس حول الأوضاع الشاذة فى أمريكا، مؤكدة أنها تثير أسئلة مهمة تجاه الازدواجية التى تحكم سلوك عمل الأمم المتحدة فى هذا المجال. وعلى سبيل المثال لا الحصر: لماذا تتجاهل المنظمة الدولية حتى الآن جريمة الغزو الأمريكى للعراق الذى تقر واشنطن نفسها حاليا أنه كان «خاطئا»، وأسفر عن قتل أكثر من مليون إنسان برىء، وجرح وتشريد الملايين، ناهيك عما ارتكبته قوات الجيش الأمريكى من انتهاكات مخزية للسجناء فى «أبو غريب» وغيرهم؟
الواقع هو أن الولايات المتحدة التى لا تكف عن إلقاء الدروس فى حقوق الإنسان على الآخرين أو «القفز عاليا على أرضية أخلاقية»، كما يقول المثل الإنجليزى، تشغل موقعا متقدما فى قائمة مجرمى الحروب ومنتهكى حقوق الإنسان على المستوى الدولى، ويمكن أن نتخيل الموقف الأمريكى إذا قتلت الشرطة فى أى بلد عربى نصف العدد الذى قتلته الشرطة الأمريكية من متظاهرى فيرغسون، وعادة ما ترد الخارجية الأمريكية بغضب شديد إذا حاول أحد تذكيرها بأن تهتم أولا بأدائها فى حقوق الإنسان، ومثال ذلك الأزمة الدبلوماسية التى نتجت عن بيان للخارجية المصرية أدان مقتل المواطن الأسود، وطالب واشنطن بضبط النفس. وأنه لأمر مؤسف أن تستمر الانتهاكات لحقوق المواطنين السود فى أمريكا، فى عهد أول رئيس أسود، وهو من كان يفترض أن يصنع فرقا فى هذا الملف على الأقل. ولعل العرب والمسلمين الذين وعدهم أوباما فى بداية عهده بصفحة جديدة فى العلاقة مع أمريكا، بما فى ذلك تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، يجدون عزاء الآن فى أن أوباما لم يخب آمالهم وحدهم، بل وحتى أبناء جلدته من الأمريكيين أيضا، لكنهم مطالبون قبل ذلك بأن يرفضوا الاستماع إلى محاضرات واشنطن ودروسها فى حقوق الإنسان التى عادة ما تكون غطاء للتدخل فى شؤونهم دفاعا عن مصالح، وليس عن مبادئ أو أخلاق ينطبق عليها القول «فاقد الشىء لا يعطيه».