نتنياهو يرفع شعار الغاز أو الإتاوة
وضع مجموعة من المشاهد إلى جوار بعضها البعض ربما يفسر لنا صدور حكم التحكيم عن غرفة التجارة الدولية بجنيف، الذى يقضى بتغريم الهيئة العامة للبترول المصرية والشركة القابضة للغازات نحو 2 مليار دولار، 1.7 مليار دولار منها لصالح شركة الكهرباء الإسرائيلية و288 مليون دولار أخرى لصالح شركة شرق المتوسط بسبب توقف ضخ الغاز لإسرائيل عام 2012.
المشهد الأول: تحركات الخارجية الأمريكية عام 2003، عندما تم اكتشاف حقول الغاز المصرية للربط بين القاهرة وتل أبيب وعمان فيما يعرف بدبلوماسية الطاقة، التى تدعم السلام البارد بين مصر والأردن من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، كما تدعم التعاون الأمنى بين الدول الثلاث ويحقق الهدف الأمريكى بضمان أمن الدولة العبرية، وبالفعل توجت الجهود الأمريكية بنجاح كبير مع تدشين شركة شرق المتوسط التى يشارك فيها رجال أعمال ومسؤولون أمنيون من مصر وإسرائيل.
المشهد الثانى: مع 2011 عام انطلاق ثورة 25 يناير، كانت الاحتياطيات المصرية من الغاز آخذة فى التراجع بشكل يهدد التعاقدات الخارجية وسد احتياجات الاستهلاك المحلى فى الوقت نفسه، كما بدأت إسرائيل فى السطو على حقول الغاز الفلسطينية المكتشفة قبالة سواحل غزة، فى البحر المتوسط واكتشاف حقول عملاقة قلبت الموازين التى قامت عليها دبلوماسية الطاقة الأمريكية، وبدلاً من تصدير الغاز من مصر لإسرائيل والأردن أصبحنا نتحدث عن عملية استخدام عكسية لخط الغاز المنشأ بحيث يدخل الغاز الإسرائيلى مصر والأردن.
المشهد الثالث: توقفت إسرائيل عن سداد مستحقات الغاز المصرى مع أول عملية تفجير لخط الغاز فى العريش عام 2011، ورغم سرعة احتواء الأزمة ومعاودة ضخ الغاز، فإن تل أبيب كانت عازمة على شىء ما، فأوقفت سداد مستحقات الغاز، وجرى التحرك فى بيع نسبة كبيرة من أسهم شركة شرق المتوسط التى كان يملك نصيباً منها رجل الأعمال اللغز حسين سالم. ومنذ عام 2012 جرت تفجيرات متتالية لخط الغاز جعلت من المستحيل استمرار تدفق الغاز، فتم وقف الضخ نهائياً، وفى الوقت نفسه بدأ الإنتاج الاستهلاكى من حقول الغاز الفلسطينية التى تضع إسرائيل يدها عليها ومن حقل «تمارا» الإسرائيلى.
المشهد الرابع: مع انشغال مصر بأوضاعها الداخلية ومواجهة فوضى ما بعد ثورة 25 يناير وتداعيات صعود الإخوان للحكم وعزل الشعب لهم، رفعت شركة الكهرباء الإسرائيلية بالتضامن مع شركة شرق المتوسط دعوى تحكيم دولية أمام غرفة التجارة بجنيف ضد هيئة البترول المصرية والشركة القابضة للغازات للحصول على تعويض «2 مليار دولار» تعويضاً عن وقف ضخ الغاز المصرى، وهى الدعوى التى تم الحكم فيها منذ أيام.
المشهد الخامس: الحكومات المصرية كانت تخطط بعد 2012 إلى التوسع فى استيراد الغاز من إسرائيل بالفعل لعدة عوامل، لأنها الأقرب ولتعزيز دبلوماسية الطاقة والتعاون الأمنى بين الجانبين، لكن مع الاكتشافات الغازية الكبيرة فى البحر المتوسط وفى الدلتا ودمياط خلال 2015 ومع التوجه لتعزيز التعاون مع موسكو وتوقيع عقود استيراد الغاز الروسى حتى 2019 بدأت الإدارة المصرية بالفعل فى إغلاق ملف استيراد الغاز الإسرائيلى أو تحجيمه إلى حد كبير، وفى المقابل صدر حكم التحكيم لغرفة التجارة بجنيف بتغريم مصر 2 مليار دولار وهو حكم عليه علامات استفهام كبيرة.
المشهد السادس: مع صدور حكم التحكيم، أوقفت الحكومة على الفور كل مفاوضات الشركات الخاصة لاستيراد الغاز من إسرائيل، وأرسل نتيناهو مبعوثاً خاصاً لبحث الأزمة والوصول إلى تسوية مرضية للطرفين، والتى تعنى إجمالاً توقيع عقود مجزية باستيراد الغاز الإسرائيلى لعشر سنوات على الأقل أو اللعب على المكشوف وإطلاق حرب الغاز بدلاً من دبلوماسية الطاقة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة