ليبيا يجب ألا تغيب عن عيوننا، ولا نترك شعبها وحيدا فى المأساة، ليس مطلوبا أن نتورط فى مستنقعهم أو نحارب نيابة عنهم، ولكن أن يتواصل إعلامنا مع الشعب الليبى ومؤسساته الشرعية، ليشعروا بوقوفنا إلى جانبهم، ولنعرف ماذا يحدث فى بلادهم..
من الضرورى أن نكسر مؤامرة الصمت الإعلامى، التى يفرضها الغرب عليهم، حتى لا تتحول ليبيا فى الظلام إلى سوريا جديدة، ثم يأتون إليها بأسلحتهم وجيوشهم، ويمارسون نفس اللعبة الدموية ويؤدون نفس الأدوار.. لا يجب أن نقع فى فخ الإعلام الغربى الذى يهون فى الأمر.
ويزعم أن وجود داعش فى ليبيا محدود وضعيف، وأنها لن تنجح فى الانتشار، فداعش تنتشر فى ليبيا انتشار النار فى الهشيم، وتلتهمها قطعة قطعة.
الإعلام المصرى خصوصا الفضائيات ذات الذراع الطويلة، يجب ألا يكون مشغولا فقط بـ«فاهيتا» وأجندتها، والجرى وراء الإثارة وحكايات غرف النوم، ويهمل أخطر القضايا التى تمس الأمن القومى المصرى.. وليبيا ليست سوريا البعيدة بآلاف الكيلومترات،ولا تفصلنا عنها دول وبحار ولكنها دولة الجوار، وتربطنا حدود مشتركة طولها أكثر من ألف كيلومتر.. إذا أمنت سلمت حدودنا، وإذا تحولت إلى وكر للإرهاب امتد إلينا الخطر..
ولا يساورنى أدنى شك فى أن جيشنا العظيم الذى أوشك على تطهير سيناء من الإرهاب،يرفع حالة الاستعداد القصوى على حدودنا الغربية، ويؤمنها بجدران عازلة من النيران، وحقول ألغام وقوات برية وجوية، تجعل عبورها شبه مستحيل، ومن يحاول اقتحامها يدخل بقدميه جهنم.
إذا احترق منزل جارك، فإنما المقصود أنت، وليبيا المقسمة بين حكومتين وبرلمانين، تعيش فى فوضى دموية غير مسبوقة، منذ أن احتل المتطرفون العاصمة طرابلس وبنغازى ثانى أكبر مدن البلاد فى الصيف الماضى، ونزوح نحو نصف مليون شخص، معظمهم جاء إلى مصر، وانتشار أكثر من 25 مليون قطعة سلاح فى ليبيا.
فى خضم هذه الفوضى نجح داعش فى الاستيلاء على مدينة سرت، مسقط رأس معمر القذافى، التى كان يعقد فيها احتفالاته ومؤتمراته الجماهيرية،
وينتشر التنظيم منها شمالا وجنوبا، لوقوعها فى منتصف البلاد على البحر المتوسط، واستقطب آلاف الإرهابيين الفارين من سوريا والعراق، أو القادمين من مختلف دول العالم، وتعكس خريطة انتشار داعش حجم التغلغل السريع.
وقرأت منذ أيام تصريحا صادما لرئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثنى، يقول فيه، إن داعش موجود فى طرابلس العاصمة وفى صبراتة والعجيلات وفى بعض مدن الجبل الغربى، ولديهم حضور أيضا فى النوفليين ومناطق أخرى وسط وجنوب شرقى البلاد، فضلا عن احتلالهم مدينتى سرت ودرنة.. يعنى داعش ينتشر فى الجسد الليبى مثل السرطان.
يجب أن يفهم الرأى العام لماذا تسابق مصر الزمن لتسليح جيشها، بأحدث النظم الموجودة فى العالم، ولماذا تسعى لكسر الاحتكار، حتى لا تقع تحت رحمة أمريكا فتمنح وتمنع ؟ ولماذا يعيد الرئيس المصرى دفء العلاقات مع الغرب والشرق؟ لأن مصر فى القلب، وهى المستهدفة بما يجرى فى سوريا وما يحدث فى ليبيا.
وإذا نجحت فى استئصال الإرهاب من سيناء،جاءت به قوى الشر إلى حدودنا الغربية، لأنهم يعلمون جيدا أن روح مصر وقوتها ونفوذها، لا تقبع داخل حدودها الإقليمية فقط، بل تنتشر فى كل دول المنطقة، وهو ما لخصه شاعر النيل العظيم حافظ إبراهيم، فى بيت شعر خالد «أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودراتـه فرائـد عقدى».